توجيه رأيه بالأسباب، فمثلاً عند قوله تعالى في الآية (٨١) من سورة الأنبياء {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} يذكر أن عامة قراء الأمصار قرؤوا (الريح) بالنصب على أنها مفعول لسخرنا المحذوف، وأن عبد الرحمن الأعرج قرأ (الريح) بالرفع على أنها مبتدأ ثم يقول: والقراءة التي لا أستجيز القراءة بغيرها في ذلك ما عليه قراء الأمصار لإجماع الحجة من القراء عليه.
ولقد يرجع السبب في عناية ابن جرير بالقراءات وتوجيهها إلى أنه كان من علماء القراءات المشهورين، حتا إنهم ليقولون عنه: إنه ألف فيها مؤلفًا خاصًا في ثمانية عشر مجلدًا، ذكر فيه جميع القراءات من المشهور والشواذ وعلل ذلك وشرحه، واختار منها قراءة لم يخرج بها عن المشهور (١)، وإن كان هذا الكتاب قد ضاع بمرور الزمن ولم يصل إلى أيدينا، شأن الكثير من مؤلفاته.
[موقفه من الإسرائيليات]
ثم إننا نجد ابن جرير يأتي في تفسيره بأخبار مأخوذة من القصص الإسرائيلي، يرويها بإسناده إلى كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وابن جريج والسدي، وغيرهم، ونراه ينقل عن محمد بن إسحاق كثيرًا مما رواه عن مسلمة النصارى. ومن الأسانيد التي تسترعي النظر هذا الإسناد: حدثني ابن حميد قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن أبي عتاب ... رجل من تغلب كان نصرانيًا عمرًا من دهره ثم أسلم بعد فقرأ القرآن وفقه في الدين، وكان فيما ذكر، أنه كان نصرانيًا أربعين سنة ثم عمِّر في الإسلام أربعين سنة.
يذكر ابن جرير هذا الإسناد، ويروي لهذا الرجل النصراني الأصل