للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الكلبي (١): {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} يقول: قائم دائم، وهو الإسلام والطريق عليه، فمن شاء هداه إلى الإسلام.

فعلى هذين القولين المراد بالصراط المستقيم: دين الإسلام، ومعناه: إنَّ ربي أمر بذلك، ودعا إلى ذلك؛ كما يقول الإنسان لمن دعا غيره إلى أمر: أنا على هذه الطريقة، ولهذا المعنى ذهب بعض أهل المعاني (٢) إلى إضمار في الآية، فقال: معناه: إن ربي على صراط مستقيم أو (٣) يحث أو يحملكم على الدعاء إليه. وقال بعضهم (٤): هذا من باب حذف المضاف؛ على معنى أن أمر ربي وتدبيره لخلقه، على صراط مستقيم لا خلل فيه.

٥٧ - وقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا}، أي إن تتولوا، بمعنى تعرضوا عما دعوتكم إليه من الإيمان بالله وعبادته {فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ}، قال أبو إسحاق (٥) وابن الأنباري: معناه قد ثبتت الحجة عليكم، وأثبت فساد مذهبكم، فليس توليكم بعد هذا لتقصير في الإبلاغ، وإنما هو لسوء اختياركم في الإعراض عن النصح، وذهب مقاتل بن سليمان (٦) وجماعة معه أن {تَوَلَّوْا} هاهنا فعل ماض، بمعنى أعرضوا، ويكون المعنى على هذا: فإن أعرضوا فقل لهم قد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم.


(١) "تنوير المقباس" ١٤٢.
(٢) "زاد المسير" ٤/ ١١٨، البغوي ٤/ ١٨٤.
(٣) هكذا في النسخ ولعل الصواب: (أي).
(٤) ابن عطية ٣٢٤/ ٧.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٥٨.
(٦) "تفسير مقاتل" ١٤٧ أ، "زاد المسير" ٤/ ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>