للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أثم يأثم إثمًا، فهو أثِمٌ وأثيم (١).

٤٥ - قوله: {كَالْمُهْلِ} سبق تفسيره في سورة الكهف [آية: ٢٩]، وقد شَبَّه الله تعالى هذا الطعام بالمهل وهو: دردي الزيت وعكر القطران على ما ذكره المفسرون (٢) كما سبق بيانه [الكهف: ٢٩]، وتم الكلام هاهنا ثم أخبر عن غليانه في بطون الكفار فقال (٣): {يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} وقرئ: (يغلي) بالياء فمن قرأ بالتاء فلتأنيث الشجرة، ومن قرأ بالياء حَمَلَه على الطعام في قوله: {طَعَامُ الْأَثِيمِ} لأن الطعام هو الشجرة في المعنى، ألا ترى أنه خبرُ الشجرة، والخبر في المعنى إذا كان مفردًا هو المبتدأ، واختيار أبي عبيد الياء قال: لأن الاسم المذكر يعني: المهل هو الذي يلي الفعل، فصار أَوْلى به للتذكير وللقرب وكذلك في قوله: {أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى} [آل عمران: ١٥٤] و {صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ} [الأنبياء: ٨٠] و {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} [القيامة: ٣٧] يختار الياء في هذه الآيات (٤).

قال أبو علي: لا يجوزُ أن يحمل الغلي على المهل؛ لأن المهل لا يغلي في البطون إنما يغلي ما شبه به (٥)، وأما سائر الآيات التي ذكرها فالياء والتاء فيها سواء لأن كل واحد مما فيها هو الآخر، فالنطفة والمني سواء.


(١) انظر: "تهذيب اللغة" (أثم) ١٥/ ١٦٠، و"المفردات" للراغب (أثم) ص ١٠.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ٢٤٠، و"تفسير الماوردي" ٣/ ٣٠٣، و"تفسير البغوي" ٧/ ٢٣٦.
(٣) انظر: "القطع والائتناف" للنحاس ص ٦٥٦.
(٤) أورد النحاس اختيار أبي عبيد في "إعراب القرآن" ولم يؤيده بل رده كما رده وضعفه أبو علي الفارسي، انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٤/ ١٣٤.
(٥) انظر: "الحجة" لأبي علي ٦/ ١٦٦، و"المسائل العضديات" ص ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>