للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة (١): فاستعصى.

وقوله تعالى: {وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ} قال ابن عباس (٢): يريد ما أدعوا إليه {لَيُسْجَنَنَّ} توعدته بإيقاع المكروه به، إن لم يطعها فيما تدعوه إليه، و {وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}، ومضى الكلام في النون الشديدة والخفيفة، وأن الوقف عليها بالألف كالتنوين في موضع النصب، والصاغر الذليل، ذكرنا ذلك في قوله {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] وقوله {صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ} (٣).

٣٣ - وقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} (٤) قال أبو بكر: معناه: رب دخول السجن أحب إلى مما يطالبنني به من معصيتك، والتعرض لسخطك، فحذف المضاف، وهذا قول الزجاج (٥)، قال أبو بكر ويجوز أن يكون السِّجن بمعنى السَّجْن إذ الاسم المشتق من الفعل يأتي نائبًا عن المصدر، كما يقال: طلعت الشمس مطلعًا، وغربت مغربًا، جعلوها خلفًا من المصدر وهما اسمان، كذلك السجن، وهذا قول الفراء (٦)، ولابد من أحد التقديرين؛ لأن السِّجن بالكسر اسم للموضع الذي يحبس فيه، وليس يريد أن ذلك الموضع أحب إلى، بل يريد دخوله واللبث فيه، فإن قيل: لم قال: (أحب إلي) ولا واحد من الأمرين محبوب له، لا السجن،


(١) الطبري ١٢/ ٢١٠، وأبو الشيخ كما في "الدر"، والثعلبي ٧/ ٨٠ ب، والقرطبي ٩/ ١٨٤.
(٢) قال به الطبري ١٢/ ٢١٠، والثعلبي ٧/ ٨٠، والبغوي ٤/ ٢٣٩.
(٣) الأنعام: ١٢٤. وقد قال هناك الصغار: الذل الذي يصغر إلى المرء نفسه.
(٤) في (أ)، (ج): (يدنني) بدلا من (يدعونني).
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٠٨.
(٦) "معاني القرآن" ٢/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>