للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} قال عطاء: يريد: من جحد عظمة الله وكفر بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - (١). وقيل: {كُلَّ كَفَّارٍ} بتحريم الربا، مستحل له (أَثِيمٍ) فاجر بأكله (٢).

أخبر الله تعالى في هذه أن من جمع مالًا من الربا أذهب الله البركة عنه، حتى يتلف عليه، ويذهب من حيث لا يدري، ثم يبقى عليه الوزر والإثم بجمعه وأخْذِه، ويزيد صدقةَ من تَصَدَّق بشيء وان قلَّ، حتى يَكْثُرَ ما تصدق به.

٢٧٧ - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} يسأل عن هذه الآية، فيقال: إذا كان يستحق الثواب بخلوص الإيمان فلم شرط غيره؟

قيل: للبيان، إذ (٣) كل واحدة من هذه الخصال يُستَحقُّ عليها الثواب، كما قال في ضد هذا {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}. ثم قال: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: ٦٨] ومعلوم أن من دعا مع الله إلهًا آخر لا يحتاج في استحقاقه العقاب إلى عمل آخر، ولكن (٤) الله تعالى جمع الزنا وقتل النفس مستحلاً مع دعاء غيره إليها، للبيان أن (٥) كل واحدة من هذه الخصال توجب العقوبة، ولا تدل هذه الآية على أن ما ذكر من الخصال بعد الإيمان ليست من الإيمان، وإن ذكرها مع الإيمان على الانفصال، كما أنه


= أحمد ٢/ ٤٧١، وأبي عبيد في "الأموال" ٤٣٧، وحميد بن زنجويه في "الأموال" ٢/ ٧٩٥، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٧٢٦.
(١) وهو من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها في قسم الدراسة.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٧٢٩.
(٣) في (ي) و (م): (إن).
(٤) في (ش) ب: (لكن)
(٥) في (ي): (لأن).

<<  <  ج: ص:  >  >>