للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يتولاه، كما يكون مطيعًا له وإن لم يقصد أن يطيعه، بموافقته لإرادته، وإجابته إلى ما دعاه إليه، فهو يعمل عملًا يُعينه عليه الشيطان، وكان الشيطان له وليًا ناصرًا معينًا.

١٢٠ - قوله تعالى: {يَعِدُهُمْ} قال أهل المعاني: معنى وعد الشيطان ما يصل مفهومه إلى قلب الإنسان، من نحو ما يجده من أنه سيطول عمرك، وتنال من الدنيا لذتك، وستعتلي على أعدائك، فإنما الدنيا دول، فستدور لك كما دارت لغيرك (١). وكل هذا غرور وتمنية وتطويل للأمل، وسيهجم عن قريب علي (٢) الأجل، وقد أبطل أيام عمره في رجاء ما لم يدرك منه شيئًا، فالعاقل من لم يعرج على هذا، وجدًّ في الطاعة ما أمكنه، وعلم أنه سينقطع عن الدنيا قريبًا، وعدّ نفسه من الموتى [وصدق] (٣) الله في قوله: {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} أي: إلا ما يغرهم بإيهام النفع فيما فيه الضر (٤).

وذكر في عدة من كتب التفسير {يَعِدُهُمْ} ألا يلقون خيرًا، {وَيُمَنِّيهِمْ} الفقر، فلا ينفقون في خير (٥).

وهذا صحيح في المعنى، من حيث إن الشيطان قد يخوف الإنسان بالفقر، فيمسك عن الإنفاق في الطاعة، ولكنه باطل من حيث اللغة؛ لأن


(١) انظر: "معالم التنزيل" ٢/ ٢٨٩، و"زاد المسير" ٢/ ٢٠٧، والقرطبي ٥/ ٣٩٥.
(٢) هكذا في المخطوط بالياء، ولعلها: "على" بدون ياء، وانظر: "الوسيط" ٢/ ٧١٣.
(٣) بياض في المخطوط، والتسديد من "الوسيط" ٢/ ٧١٣.
(٤) انظر: "الوسيط" ٢/ ٧١٣.
(٥) "الكشف والبيان" ٤/ ١٢٢ ب، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٣٨٩، و"معالم التنزيل" ٢/ ٢٨٩، والقرطبي ٥/ ٣٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>