للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه لغة أخرى وهو فتح القاف وتسكين الطاء (١)، وبه قرأ عيسى بن عمر. قال أبو إسحاق: وجُعلت سرابيلهم من قطران والله أعلم؛ لأن القطران يبالغ في اشتعال النار في الجلود، ولو أراد الله المبالغة في إحراقهم بغير نار وبغير قطران لقدر على ذلك، ولكنه عذَّب بما يَعقل العبادُ العذابَ من جهته، وحذّرهم ما يعرفون حقيقته (٢).

قال ابن الأنباري: والنار لا تُبطل ذلك القطران ولا يُفنيها، كما لا يُهلك أغلالَها وأنكالَها وحَيّاتِها وهوامَها وأشجارَها (٣)، وللقطران أيضًا روائح خبيئة، وقال غيره: وفيه أيضًا عقاب بالتسويد لسواد دخانه (٤).

٥١ - قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ} هذه اللام تتعلق بقوله: {وَتَغْشَى} أي تغشى النار وجوههم ليقع لهم الجزاء من الله بما


(١) أي: قَطْران، وذكرها الطبري في "تفسيره" ١٣/ ٢٥٦، بصيغة التمريض منسوبةً إلى عيسى بن عمر، لكنه قال: بكسر القاف، وبالكسر كذلك قال ابن خالويه، كما في القراءات الشاذة لابن خالويه ص ٧٤، لكنه جعلها مهموزة؛ قال: (قِطْرءان)، ووردت في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٥ أ، بالجزم؛ قال: وقرأ عيسى بن عمر: (قَطْران) بفتح القاف وتسكين الطاء، وانظر: "تفسير القرطبي" ٩/ ٣٨٥، قال ابن جني: وأما القطران ففيه ثلاث لغات: (قَطِرَان) على فَعِلان [وهي القراءة المتواترة]، و (قَطْران)، و (قِطْران) والأصل فيها (قَطِرَان) فأسكنا على ما يقال في كَلِمة: كَلْمَة وكِلْمَة. انظر: "المحتسَب" ١/ ٣٦٧.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٠ بنصه.
(٣) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٤٩، مختصرًا.
(٤) وخلاصة الأمر أنه يحصل لهم أربعة أنواع من العذاب بالقطران: لذع القطران وحرقته، وإسراع النار في جلودهم، واللون الوحش، ونتن الريح. "الرازي" ١٩/ ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>