للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٧٧ - قوله تعالى: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا} قال الفراء: نصب سُنّة على العذاب المضمر، أي يعذبون كسنة من قد أرسلنا (١).

وقال الزجاج: سُنَّة منصوب بمعنى لا يلبثون (٢)، هذا كلامهما ويحتاج إلى شرح وبيان في هذا، وهو أن يقول: سُنَّة منصوبة؛ لأنها وضعت موضع المصدر، ومعنى السنّة هاهنا: التعذيب، وتأويل الآية: أنهم يعذبون تعذيب الأمم قبلهم إذا أخرجوا رسلهم أو قُتلوا، ودل قوله: {وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ}: على تعذيبهم، وكأنه قيل: وإذًا يعذبون تعذيب غيرهم، ومعنى قول الزجاج: سُنَّة منصوب بمعنى لا يلبثون، هو ما ذكرنا من أنه يدل على يعذبون، ومعنى قول الفراء: أنه منصوب بالعذاب المضمر هو هذا سواء، فاعرفه فإنه مشكل الظاهر.

وقال صاحب النظم: أضاف هذه السنة إلى الرسول، والسنة لله -عز وجل- كما قال في أثره: {وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا}، وإنما حسن أن ينسبها إلى


= أحدهما: أنها توسطت بين المعطوف والمعطوف عليه، فيكون {لَا يَلْبَثُونَ} عطفًا على قوله {لَيَسْتَفِزُّونَكَ}.
الثاني: أنها متوسطة بين قسمٍ محذوفٍ وجوابه فألغيت لذلك، والتقدير: ووالله إذا لا يلبثون.
الثالث: أنها متوسطة بين مبتدأ محذوف وخبره، فألغيت لذلك، والتقدير: وهم إذًا لا يلبثون.
وفي قراءة أبي شاذًا (لايلبثوا) على إعمال (إذا) ووجه النصب أنه لم يجعل الفعل معطوفًا على ما تقدم ولا جوابًا ولا خبرًا؛ لأنه قد يقع مستأنفًا، والتقدير: إن فعلوا ذلك إذا لا يلبثوا خلافك. انظر: "الدر المصون" ٧/ ٣٩٤، و"الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ٢٩٣، و"القراءات الشاذة" لابن خالويه ص ٨٠.
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٢٩، بنصه.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٥٥, بمعناه

<<  <  ج: ص:  >  >>