للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢٣ - قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} قال محمد بن إسحاق: يستوصفه إلهه الذي أرسله إليه. أي: ما إلهك هذا؟ (١) فأجابه موسى بما هو دليل على الله -عز وجل- مما خلق مما يُعجز المخلوقين عن أن يأتوا بمثله (٢).

٢٤ - فـ {قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} قال ابن (٣) الأنباري: يقال: كيف استجاز موسى حين سأله فرعون أن يجيبه بأن يقول: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} وهذا ليس بجواب لسؤاله؛ لأن من قيل له: ما زيد؟ لم يكن جوابه: زيد يملك خمسين دينارًا؛ لأن (ما) سبيلها أن تستفهم بها عن الأسماء من الأجناس، والأنساب، فإذا قال القائل: ما هذا؟ أُجيب بأحد جوابين؛ إما أن يُقال له: هاشمي، قرشي، إذا عَلم المخاطب أنه يعرف جنس الذي يستفهم عنه. وإما أن يُجاب بالجنس، فيقال: إنسان، بهيمة، حائط، فجواب موسى لم يقع على حسب سؤال فرعون؟.

والجواب أن فرعون أحال في سؤاله، فسأل عن جنس من لا جنس له فاستجهله موسى، فأضرب عن سؤاله فلم يجبه عنه؛ بل أخبره من قدرة الله وعظيم ملكه وسلطانه بما يردعه عن جهله فيما كان سأل عنه. والدليل على أن موسى لم يجب عن سؤاله: أنه لما سمعه منه أقبل على جلسائه فقال: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} إذ لم يجبني عن سؤالي! فلم يلتفت


(١) "تاريخ ابن جرير" ١/ ٤٠٦، بسنده عن محمد بن إسحاق. وأخرجه عنه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٥٦.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٨٧، بنصه.
(٣) ابن في نسخة (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>