للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتفكر في أنحاء مخاطباتهم لما نبهه الله على ذلك بقوله: (ولتعرفنهم في من القول). فاستدل بفحوى كلامهم على فساد دخيلتهم وسوء اعتقادهم.

قال مقاتل: ثم رجع إلى المؤمنين أهل التوحيد فقال: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} من الخير والشر (١)، فلا يخفى عليه منها شيء.

٣١ - قوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} أي: لنعاملنكم المختبر نأمركم بالقتال والجهاد حتى يتبين المجاهد والصابر على دينه من غيره، وهو قوله: {حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ}. قال ابن عباس: حتى نميز (٢).

وقال مقاتل: حتى نرى (٣) وذكرنا الكلام في مثل هذا في مواضع، والمعنى حتى نعلم علم شهادة ووجود، وهو العلم الذي يقع به الجزاء والذي علمه غيباً لا يقع به الجزاء والقراء قرؤوا: (ولنبلونكم) وما بعده بالنون لما تقدمه من قوله: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ} جعلوا قوله: (والله يعلم أعمالكم) كالاعتراض، ويجوز أن يكون ذلك عوداً إلى لفظ الجمع بعد لفظ الإفراد فيكون كقوله: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} [الإسراء: ٢] بعد قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: ١] وروي عن عاصم الياء فيها حملاً على قوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٠].

وقوله: {وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} عطف على قوله: (حتى نعلم) (٤)، قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد لنظهر ما تسرون.


(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٥٠.
(٢) ذكر ذلك القرطبي في "الجامع" ١٦/ ٢٥٣.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٥٠.
(٤) انظر: "الحجة" لأبي علي ٦/ ١٩٧، "تفسير الطبري" ١٣/ ٦٢، "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي ٢/ ٢٧٨, "المحرر الوجيز" لابن عطية ١٥/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>