للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يتخذوها (١) إلا ليزيغوا عن الطريق المستقيم الذي نُصبت الأدلة عليه، وهذه لام العاقبة (٢)، وقد ذكرنا معناها في مواضع.

ثم أوعدهم بالعذاب فقال: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّار} قال ابن عباس في هذه الآية: لو صار الكافر مريضًا سقيمًا، لا ينام ليلاً ولا نهارًا، جائعًا لا يجد ما يأكل ويشرب، لكان هذا كله نعيمًا عندما يصير إليه من شدة العذاب، ولو كان المؤمن في الدنيا في أنعم عيشة لكان بؤسًا عندما يصير إليه من نعيم الآخرة (٣).

٣١ - وقوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} قال الفراء: جُزمت {يُقِيمُوا} بتأويل الجزاء، ومعناه معنى أمرة كقولك: قل لعبد الله يذهب عنا، يريد: قل له: اذهب عنا، فجُزم بنية الجواب وتأويله الأمر، ومثل هذا قوله: {لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا} [الجاثيه:١٤]، {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: ٥٣]، هذا كلامه (٤) ومعنى هذا أن (٥) قوله: {وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} معناه معنى الأمر؛ أي: قل لهم يقيموا الصلاة، إلا أنه أُجري على


= و"الموضح في وجوه القراءات" ٢/ ٧١١، النشر ٢/ ٢٩٩، و"الإتحاف" ص ٢٧٢، و"تفسير الطبري" ١٣/ ٢٢٤.
(١) في (أ)، (د): (يتخذوا) والمثبت من (ش)، (ع)، وهو الصحيح لانسجامه مع السياق.
(٢) يقول الفخر الرازي: هي لام العاقبة؛ لأن عبادة الأوثان سبب يؤدي إلى الضلال. انظر: "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٢٣.
(٣) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ١/ ٣٢٦ بنصه، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٦٣.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٧٧، بتصرف يسير.
(٥) وردت (أن) قبل هذا في جميع النسخ، وهي زائدة أدت إلى اضطراب السياق، ولعلها من الناسخ، لذلك حذفت.

<<  <  ج: ص:  >  >>