للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آكلاً، ونظير هذا قوله: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام: ١١٦]، وقد مضى في هذه السورة.

١٤٩ - قوله تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} قال الزجاج: (حجته البالغة تبيينه أنه الواحد، وإرساله الأنبياء بالحجج التي يعجز عنها المخلوقون أجمعون) (١)، وهذا معنى قول المفسرين: لله الحجة البالغة بالكتاب والرسول والبيان (٢).

{فَلَوْ (٣) شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} هذا يدل على أنه ما شاء إيمان الكافر ولو شاء لهداه، والقدرية يحملون هذه الآية ونظائرها على الإلجاء، وذلك باطل من وجوه:

أحدها: أن هذا عدول عن الظاهر، والظاهر لا يدل على أن المراد لو شاء لألجأهم إلى الإيمان حتى يؤمنوا.

والثاني: أن عندهم الله تعالى أراد أن يؤمن الخلق اختيارًا لا اضطرارًا، فإذا لم يؤمنوا أختيارًا حتى يلجئهم لم يرتفع مراده.

والثالث: أنهم بعد الإلجاء يجوز أن يصبروا على مقاساة الشدة ولا يؤمنوا فلا يرتفع أيضًا مراده كمن صبر على مطالبة ما يقدر على أدائه حتى يهلك، وأيضًا فإن هذا الإلجاء إذا قدر الله تعالى عليه ولم يفعل حتى يؤمنوا فشركهم كان بإرادته؛ لأن عندهم لا يجوز أن يدخر الله تعالى شيئًا عن


(١) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٠٣.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٨/ ٧٩، و"معاني النحاس" ٢/ ٥١٤، و"تفسير السمرقندي" ١/ ٥٢٢، والبغوي ٣/ ٢٠٢.
(٣) في النسخ: (ولو شاء) بالواو، وقد جاء ذلك في سورة النحل، الآية ٩ قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>