للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النعمة وكفروا به.

٦٨ - ثم بَيَّن أنه قادر أن يهلكهم في البر بمثل ما يهلك في البحر، فقال: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ} قال الليث: الخسف سُؤوخُ الأرض بما عليها (١)، يقال: خسف الله به الأرض، أي غاب به فيها، ومعني الخسف والخسوف: الدخول في الشيء، يقال: عين خاسفة؛ وهي التي غابت حدقتها في الرأس، وعين من الماء خاسفة، أي: غائرة الماء، والشمسُ تُخْسَفُ خُسُوفًا، وهو دخولها في السماء كأنها تكون في جُحْرٍ (٢)، فمعنى قوله: {يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ}: يُغَيِّبُكم ويُذْهِبُكم في جانب البر، وهو الأرض، وإنما قال: {جَانِبَ الْبَرِّ} لأنه ذكر البحر في الآية الأولى، فهو جانب، والبر جانب، أخبر الله تعالى أنه (٣) كما قدر أن يغيبهم في الماء قادر أن يغيبهم في الأرض، قال ابن عباس في قوله: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ} يريد: حيث أعرضتم حين سلمتم من هول البحر.

وقوله تعالى: {أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} معنى الحَصْبِ في اللغة الرمي، يقال: حَصَبَ أحْصُبُ حَصْبًا إذا رميت، والحَصْبُ: الرمي (٤)، ومنه قوله تعالى: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: ٩٨] أي تلقون فيها، ومعنى قوله: {حَاصِبًا} عذابًا يحصبهم، أي: يرميهم بحجارة، ويقال للريح التي


(١) ورد في "تهذيب اللغة" (خسف) ١/ ١٠٢٩ بنصه.
(٢) ورد في "تهذيب اللغة" (خسف) ١/ ١٠٣٠، بنحوه، انظر: (خسف) في "المحيط في اللغة" ٤/ ٢٦٧، و"اللسان" ٢/ ١١٥٧.
(٣) في (أ)، (د): (أنه قال)، والطاهر أن (قال) زائدة، وقد أن إلى اضطراب المعنى، والمثبت من (ش)، (ع).
(٤) انظر: (حصب) في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٣٤، و"الصحاح" ١/ ١١٢، و"اللسان" ٢/ ٨٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>