للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١١٠ - قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} قال ابن عباس: (علم الله رسوله التواضع لئلا يزهو على خلقه) (١). وهذا أمر من الله لرسوله بأن يقر على نفسه بأنه آدمي كغيره، إلا أنه أكرم بالوحي وهو قوله: {يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} لا شريك له. ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية: (أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني لأصلي، وأتصدق، وأحب مع ذلك أن يطلع عليه الناس، فأنزل الله هذه الآية) (٢). والإشارة في ذكر توحيده هاهنا إلى من راءى بعمله (٣)، فكأنه أشرك فيه غير الله، والمعبود واحد لا يقبل الشركة.

قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} لقاء البعث والمصير إلى الله، والرجاء يذكر بمعنى الخوف؛ لأنه يتضمن الخوف، ومنه قول الهذلي (٤):

إذا لسمعته النَّحل لم يرج لسعها


= "البحر المحيط" ٦/ ١٦٩، "الدر المصون" ٧/ ٥٥٨.
(١) "معالم التنزيل" ٥/ ٢١٣، "زاد المسير" ٥/ ٣٠٢، "مجمع البيان" ٥/ ٧٧٠.
(٢) "جامع البيان" ١٦/ ٤٠،"المحرر الوجيز" ٩/ ٤٢١، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٦٩، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" كتاب: التفسير ٤/ ٣٢٩، "أسباب النزول" للواحدي ٣٠٨، "لباب النقول في أسباب النزول" ص ١٤٥.
(٣) في (ص): (بعلمه).
(٤) هو صدر بيت لأبي ذؤيب الهذلي، وعجزه:
وخالفها في بيت نوبٍ عواسل
اللسع: لما ضرب بمؤخرة، واللسع لذوات الإبر من العقارب والزنابير ونحوها والنوب: النحل وهو جمع نائب لأنها شرعى وتنوب إلى مكانها. انظر: "شرح أشعار الهذليين" ١/ ١٤٤، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٨٦، "تفسير غريب القرآن" ١/ ٢٧١، "تهذب اللغة" (ناب) ٤/ ٣٤٧٦، "اللسان" (نوب) ٨/ ٤٥٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>