للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} (١) [البقرة: ٧٤] وقيل: لأن الأنعام تنقاد لأربابها الذين يُعلفونها ويتعهدونها، وهؤلاء الكفار لا يعرفون طريق الحق، ولا يطيعون ربهم الذي خلقهم ورزقهم (٢). ونظير هذه الآية في سورة الأعراف (٣).

٤٥ - قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} (٤) ذُكِر فيه أوجه؛ قال مقاتل: ألم تر إلى فعل ربك (٥).


(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٧٥.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٨/ ٩٩ ب. ذكر الرازي ٢٤/ ٨٦ وجوهًا ستة، في كونهم أضل من الأنعام.
(٣) في قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: ١٧٩]
(٤) قال الرازي ٢٤/ ٨٨: اعلم أنه تعالى لما بين جهل المعرضين عن دلائل الله تعالى وفساد طريقتهم في ذلك ذكر بعده أنواعًا من الدلائل الدالة على وجود الصانع. ثم جعل هذه الآية النوع الأول. وذكر نحوه أبو حيان ٦/ ٤٦٠. وهذا غير مسلم؛ لأن القوم لم يكونوا منكرين لوجود الله حتى تساق لهم الآيات والبراهين الدالة عليه، فالأولى أن تكون هذه الآيات سيقت لإلزامهم بإفراد الله بالعبادة، من خلال مشاهدتهم لهذه الآيات المختلفة والمتضادة، التي لا ينكرونها، والتي لا تقدر الآلهة على شيء منها، فإقرارهم بوحدانية الله في خلقه لها وتصريفها مع عجز جميع المخلوقات عن التصرف فيها مستلزم الإقرار بتوحيد الألوهية، ويدل لهذا توجيه الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- ليعلمهم بذلك. وجعل ابن عاشور ١٩/ ٣٩، هذه الآية مفيدة تمثيل هيئة تنزيل القرآن منجمًا، بهيئة مد الظل مدرَّجًا، ولو شاء لجعله ساكنًا. وفيه بعد. والله أعلم.
(٥) لم أجده في "تفسير مقاتل". وفي "تنوير المقباس" ص ٣٠٣: ألم تنظر إلى صنع ربك. وكذا عند الزمخشري ٣/ ٢٧٥، غير منسوب، ويشهد له قوله تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: ٨٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>