للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عباس: يريد أهل مكة في {يَسْمَعُونَ} ما يذكَرهم به سماع طالب للفهم (١) {أَوْ يَعْقِلُونَ} أي: يميزون الهدى من الضلالة {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ} قال مقاتل: في الأكل والشرب، لا يلتفتون إلى الآخرة (٢). وقال الكلبي: شبههم بالأنعام في المأكل والمشرب لا تعقل غيره (٣). وقال الزجاج: في قلة التمييز فيما جعل دليلًا لهم من الآيات، والبرهان (٤) {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} قال ابن عباس: يريد أن البهائم ليس عليها عقاب ولا لها ثواب (٥). وهذا معنى قول الكلبي؛ لأنها لا حجة عليها (٦).

قال مقاتل: يقول الله: بل هم أخطأ طريقًا من البهائم؛ لأنها تعرف ربَّها وتذكره، وأهل مكة لا يعرفون ربهم فيوحدونه (٧). وهذا المعنى أراد الزجاج؛ فقال: لأن الأنعام تسبح بحمد الله، وتسجد له، وهم كما قال الله


= ٣/ ١٦٢. وقال الرازي ٢٤/ ٨٦: لأنه كان فيهم من يعرف الله تعالى، ويعقل الحق، إلا أنه ترك الإسلام لمجرد حب الرياسة لا للجهل. ويُحمل أيضًا على أن منهم من رضي باتباع الرؤساء والزعماء، ولم يكلف نفسه السماع. قال تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} [الأحزاب: ٦٧].
(١) "تفسير الثعلبي" ٨/ ٩٩ ب.
(٢) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ ب. وأخرج ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٠٠، بسنده عن ابن عباس قال: مثل الذين كفروا كمثل البعير والحمار والشاة، إن قلت لبعضهم: كل، لم يعلم ما تقول غير أنه يسمع صوتك، كذاك الكافر إن أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وعظته لم يعقل ما تقول غير أنه يسمع صوتك.
(٣) "تنوير المقباس" ص ٣٥٣.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٩. بنصه.
(٥) "تنوير المقباس" ص ٣٠٣. بنصه.
(٦) "تنوير المقباس" ص ٣٠٣، بمعناه.
(٧) "تفسير مقاتل"ص ٤٦ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>