للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على التقوى من الله والرضوان من أن صاحبه هو الأفضل، مما يجب له من ثواب الله وكرامته، خلاف من أسسه على الفساد، فكان كمن بني على شفير النار، قال أبو إسحاق: (وفي هذا دليل على أن جهنم في الأرض؛ لأن البناء إنما ينهار إلى أسفل) (١).

١١٠ - قوله تعالى: {لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ} الآية، ذكرنا الكلام في {لَا يَزَالُ} عند قوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ}


(١) لم أجد من ذكر هذا القول، ولم يتبين لي من أبو إسحاق هذا، ويبعد أن يكون الزجاج؛ لأنه يرى الانهيار -المذكور من باب التمثيل حيث قال في تفسير قوله تعالى: {فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ}: وهذا مثل، المعنى: (أن بناء هذا المسجد الذي بني ضرارًا وكفرًا كبناء على جرف جهنم يتهور بأهله فيها). "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٧٠، كما يبعد أن يكون أبا إسحاق الثعلبي؛ لأنه فسر الآية بمثل تفسير الزجاج فقال: (هذا مثل لضعف نياتهم وقلة بصيرتهم في عملهم)، "تفسير الثعلبي" ٦/ ١٥٠ أوإلى مثل قولهما ذهب كثير من المفسرين كابن جرير ١١/ ٣٢، والسمرقندي ٢/ ٧٥، والزمخشري ٢/ ٢١٥، وذهب بعض المفسرين إلى ظاهر اللفظ، قال القرطبي في "تفسيره" ٨/ ٢٦٥: اختلف العلماء في قوله تعالى: {فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} هل ذلك حقيقة أو مجاز على قولين:
الأول: أن ذلك حقيقة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أرسل إليه فهدم رؤي الدخان يخرج منه، من رواية سعيد بن جبير، وقال بعضهم: (كان الرجل يدخل فيه سعفة من سعف النخل فيخرجها سوداء محترقة)، وذكر أهل التفسير أنه كان يحفر ذلك الموضع الذي انهار فيخرج منه دخان، وروى عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن ابن مسعود أنه قال: (جهنم في الأرض ثم تلا {فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} وقال جابر ابن عبد الله: (أنا رأيت الدخان يخرج منه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
والثاني: أن ذلك مجاز، والمعنى: صار البناء في نار جهنم فكأنه انهار إليه، وهوى فيه، وهذا كقوله تعالى: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: ٩]، والظاهر الأول؛ إذ لا إحالة في ذلك، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>