للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن معنى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} اتبع الدين القيم، اتبع فطرة الله.

قوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} قد ذكرنا معناه: لا تبديل لما خلقهم له. وقال مجاهد وإبراهيم: الدين: الإسلام، و {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} لدين الله (١). وعلى هذا المراد بلفظ النفي: النهي، أي: لا تبدلوا دين الله الذي هو التوحيد بالشرك والكفر.

{ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} قال مقاتل: يعني التوحيد هو الدين المستقيم {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ} يعني: كفار مكة {لَا يَعْلَمُونَ} بتوحيد الله (٢).

٣١ - قوله تعالى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} قال الأخفش: نصبه على الحال؛ لأنه حين قال: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} قد أمرَه، وأمرَ قومه حتى كأنه قال: فأقيموا وجوهكم منيبين (٣). وقال المبرد: لما قال: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} كانت له ولأمته قاطبة؛ وهذا أجودُ كلامٍ إذا كان واحداً حاضرًا أن تأمره بما يخصه، وتعم من وراءه من يأمره (٤) كقولهم: يا زيد اتق عمرًا، واحذروا أن تظلموه، إذا كان زيد رئيس القوم؛ هم مأمورون بما أُمر به زيدٌ. ونحو هذا قال الفراء،


(١) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ١٠٣، عن قتادة وقال عبد الرزاق: وقال معمر: كان الحسن يقول: فطرة الله الإسلام. وأخرجه ابن جرير ٢١/ ٤١، عن مجاهد، وعكرمة، وقتادة، وسعيد بن جبير، والضحاك، وابن زيد، وإبراهيم النخعي. وصحح إسناد ابن جرير إلى مجاهد شيخ الإسلام ابن تيمية. "درء تعارض العقل والنقل" ٨/ ٣٧٤. وبوَّب البخاري في "صحيحه" فقال: باب {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}: لدين الله. "فتح الباري" ٨/ ٥١٢.
(٢) "تفسير مقاتل" ٧٩ أ.
(٣) "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٥٧
(٤) هكذا في النسختين؛ ولعل الصواب: وتعم من وراءه ممن يأتمر بأمره. ويوضح هذا المثال الذي ذكره بعد ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>