كتاب التفسير البسيط

سورة الأحزاب - ٢٢ - ج: 18 - ص: 214

الله اقتداء لو اقتديتم به في نصرته ومؤازرته، والشد على يده بالصبر معه في مواطن القتال، كما فعل هو بيوم أحد، إذ كسرت رباعيته وشج فوق حاجبه، وقتل عمه، وأوذي بضروب الأذى، فواساكم مع ذلك بنفسه، فهلا فعلتم مثل ما فعل واستنيتم بسنته (١).

قوله: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}. قال الفراء: خص الله بها المؤمنين (٢). يعني قوله بمن (٣) بدل من قوله لكم، وهو تخصيص بعد التعميم للمؤمنين بالأسوة.

قال ابن عباس: يرجو ما عند الله من الثواب والنعيم (٤). {وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} أي: ذكراً كثيرًا باللسان (٥)، وذلك أن ذاكر الله هو الذي يأتمر لأوامره بخلاف الغافل عن ذكر الله.

٢٢ - ثم ذكر المؤمنين ووصف حالهم بقوله: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ} يعني: أبا سفيان وأصحابه. {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} قال قتادة ومقاتل: كان الله وعدهم في {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} إلى قوله {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: ٢١٤]. فأخبرهم بما سيكون من الشدة التي تلحقهم من عدوهم، فلما رأوا يوم الأحزاب ما

---

(١) "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٩١ أ، وذكر السمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٤٤ قريبًا من هذا المعنى.
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٣٣٩.
(٣) في (ب): (ممن)، وكلاهما لا يتضح به الكلام، وإنما هي كما جاءت في القرآن: لمن.
(٤) انظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٥١٩، "زاد المسير" ٦/ ٣٦٨، "مجمع البيان" ٨/ ٥٤٨.
(٥) في (أ): (ذكر)، أسقط الألف، وهو خطأ.