للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حرموا، نظير هذه الآية في سورة الأنعام [آية: ١٤٨]، ومضى الكلام هناك مستقصى، على أن أبا إسحاق قال هاهنا: إن المشركين قالوا هذا على جهة الهزء؛ كما قال قوم شعيب له: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: ٨٧]، ولو قالوا هذا معتقدين لكانوا مؤمنين ولكنهم قالوا مستهزئين، وكذلك هؤلاء لو قالوا مُحَقِّقِينَ، ما قيل: إنهم مكذبون، كما كَذَّب الذين من قبلهم (١)، وهو قوله: {كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، أي: من تكذيب الرسل وتحريم ما أحل الله، قال ابن عباس: يريد عمرو بنَ لُحَيٍّ وأصحابَه (٢)، {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} قال: يريد: قد بَلَّغْتَ رسالتي وبَلَّغَ مَن قبلك، يعني ليس عليهم إلا التبليغ، فأما الهداية فهو إلى الله تعالى؛ يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وقد حَقَّقت هذا فيما بعد، وهو:

٣٦ - قوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا}، يعني كما بعثناك في هؤلاء، {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} تعالى، أي: بعبادة الله تعالى، والتقدير: بأن اعبدوا الله، فحذف الجار، {وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، أي: الشيطانَ وكلَّ من يدعو إلى الضلالة، {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ}: أرشده، {وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ


= وقال الزجاج: كان الرجل إذا نذر لقدوم من سفر أو برء من علة أو ما أشبه ذلك، قال: ناقتي هذه سائبة، فكانت كالبحيرة؛ في أن لا ينتفع بها وأن لا تُجْلى عن ماءٍ، ولا تمنع من مرعى. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٢١٣، و"تفسير المُشْكِل" ص ١٥٦، و"تفسير القرطبي" ٦/ ٣٣٥.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٩٧، بتصرف واختصار.
(٢) تخصيص الآية بعمرو بن لحي وأصحابه لا دليل عليه، وحمل الآية على العموم أولى، إلا أن يراد به التمثيل فيكون مقبولاً، وأغلب الظن أنه نُسب إلى ابن عباس -رضي الله عنهما- من الطرق الضعيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>