للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ}، قال ابن عباس: يريد أنهم شر من الصم؛ لأن الصم لهم عقول وقلوب، وهؤلاء قد أصم الله قلوبهم (١).

وقال الزجاج: أي (٢): ولو كانوا مع ذلك جهالًا (٣)، أخبر الله تعالى أن هؤلاء يستمعون استماع استهزاء لا استماع انتفاع، فهم بمنزلة الصم الجهال؛ إذ لم ينتفعوا بما سمعوا، وقال قوم: هذه الآية والتي قبلها إخبار أنه (٤) لا يؤمن إلّا من وفقه الله تعالى، فذكر أن هؤلاء الكفار يستمعون القرآن وهم كالصم الذين لا يعقلون لعدم التوفيق، وصرف الله قلوبهم عن الانتفاع بما سمعوا، فقوله: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ} مثلٌ ضربه الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، يقول: كما لا تقدر أن تسمع من سلبته السمع، كذلك لا تقدر أن تسمعهم إسماعًا ينتفعون به، وقد حكمت عليهم أن (٥) لا يؤمنوا (٦).

٤٣ - قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ}، قال عطاء عن ابن عباس: يريد متعجبين منك (٧)، {أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ} يريد: أن الله أعمى قلوبهم فلا يبصرون شيئًا من الهدى كما يبصر المؤمنون، وهذا كما قال: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٦].


(١) "زاد المسير" ٤/ ٣٥.
(٢) ساقط من (ى).
(٣) اهـ كلام الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٢.
(٤) في (ى): (لأنه).
(٥) في (ح): (لأن).
(٦) انظر معنى هذا القول في "تفسير ابن جرير" ١١/ ١١٩، والثعلبي ٧/ ١٦ أ، والبغوي ٤/ ١٣٥، والقرطبي ٨/ ٣٤٦.
(٧) "زاد المسير" ٤/ ٣٥، "الوسيط" ٢/ ٥٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>