للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عامة المفسرين في {أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} ألهمتهم، كما قال جل وعز: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: ٦٨] أي: ألهمها وقذف في قلوبها (١)، ومضى الكلام في الحواريين (٢)، وتفسير الآية ظاهر.

١١٢ - قوله تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ}، قال أهل المعاني: هذا على المجاز كما يقول القائل: هل تستطيع أن تنهض معنا، أي: هل تفعل، وذلك أن المانع من جهة الحكمة قد يُجعَل بمنزلة المنامي للاستطاعة.

وقال ابن الأنباري: لا يجوز لأحد أن يتوهم على الحواريين أنهم شكوا في قدرة الله عز وجل، ولا يدل قولهم {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} على أنهم شكوا في استطاعة الله (٣)، إذ كان العربي يقول لصحابه: هل تستطيع أن تقوم معي؟ وهو يعلم أنه مستطيع للقيام، إنما يقصد بتستطيع معنى: هل يسهل عليك ويخف عليك، فكذلك هو في الآية هل يقبلُ ربُّك دعاءَك، وهل يسهل لك إنزال هذه المائدة علينا (٤)، وهذا الذي ذكرنا معنى قول الفراء (٥).

وقال أبو علي الفارسي: ليس هذا على أنهم شكوا في قدرة القديم (٦)


(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢٩، الطبري ٧/ ١٢٨، "معاني القرآن" للنحاس ٢/ ٣٨٣، "بحر العلوم" ١/ ٤٦١.
(٢) الظاهر أنه عند تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [آل عمران: ٥٢].
(٣) "تفسير الطبري" ٧/ ١٢٩.
(٤) "زاد المسير" ٢/ ٤٥٦.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ٣٢٥.
(٦) القديم: مما أدخله المتكلمون في أسماء الله تعالى، وليس هو من الأسماء الحسنى الواردة في الكتاب والسنة. انظر: "الطحاوية" ص ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>