للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مستقبح (١) عندهم، ولو قال: أبقل الأرض، لم يُستقبح، فليس ما تقدّم ذكره مما أُنّث بمنزلة ما لم يتقدم ذِكْره؛ لأن المتقدم الذكر ينبغي أن يكون الراجعُ وَفْقَه، كما يكون وَفْقَه في التثنية والجمع (٢).

وأما من قرأ بالتنوين فقال أبو إسحاق: جعل كلًّا إحاطة بالمنهي عنه قَطْ، المعنى: كل ما نهى الله عنه كان سيئةً (٣)، ومعنى هذا أن من قرأ بالتنوين رأى الكلام انقطع عند قوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}، وكان الذي بعدُ؛ من قوله: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} لا أمرًا حسنًا فيه، فقال: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ} فأفرد ولم يضف، وعلى هذه القراءة قوله: {مَكْرُوهًا} ليس بنعت للسيئة، وإنما هو بدل منها، على تقدير: كان سَيِّئَةً وكان مكروهًا.

٣٩ - قوله تعالى: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ} يعني ما تقدم ذِكْره، {مِنَ الْحِكْمَةِ}، قال ابن عباس: يريد من الفرائض والسُّنَن (٤).

وقال المفسرون: يعني من القرآن ومواعظه (٥).

وقال أهل المعاني: الحكمة هاهنا الدلائل التي تؤدي إلى المعرفة بالحَسَن من القبيح، والواجب مما لا يجب (٦)، وذلك يعرف بإخبار الله تعالى.

وقوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ} إلى آخر الآية. قال ابن عباس: هذا أدب


(١) هكذا في جميع النسخ، وفي "الحجة للقراء" ٥/ ١٠٢ مستقيم، وهو خطأ أو تصحيف.
(٢) "الحجة للقراء" ٥/ ١٠٢، بتصرف واختصار يسير.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٤١، بنصه.
(٤) ورد بلا نسبة في "الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٤٩٩، و"تفسير ابن الجوزي" ٥/ ٣٧.
(٥) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٩٠ بلفظه عن ابن زيد، ورد عند "الثعلبي" ٧/ ١٠٩ أبنصه.
(٦) ورد نحوه في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>