للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأولى أن تعود إلى الجبال؛ لما ذكرنا أن الفج في اللغة: الطريق بين الجبلين، وابن عباس أيضًا قال في تفسير هذه الآية: وجعلنا من اجبال طرقًا؛ حتى يهتدوا إلى مقاصدهم في الأسفار للتجارات وغيرها (١).

وقوله تعالى: {سُبُلًا} تفسير للفجاج، وبيان له. وفائدته أن الفج في موضوع اللغة يجوز أنه لا (٢) يكون طريقاً نافذاً مسلوكاً، فلما ذكر الفجاج بين أنه جعلها سبلاً نافذة مسلوكة.

٣٢ - قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا} السقف معناه في اللغة: غماء البيت (٣)، والسماء للأرض كالسقف للبيت، فجعلت السماء سقفًا


= كله من الأرض، وقد جعل الله لخلقه من ذلك كله فجاجا سبلاً، ولا دلالة تدل على أنه عني بذلك فجاج بعض الأرض -التي جعلها لهم سبلا- دون بعض، فالعموم بها أولى. وقال ابن عطية في "المحرر" ١٠/ ١٤٤ عن هذا القول إنه أحسن.
واستظهره أبو حيان في "البحر" ٦/ ٣٠٩. ويدل لهذا القول قوله تعالى {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا} [نوح: ١٩ - ٢٠].
(١) ذكره عن ابن عباس ابن الجوزي ٥/ ٣٤٩. وذكره القرطبي ١١/ ٢٨٥ مختصرًا. وذكر الرازي ٢٢/ ١٦٤ أوله ثم قال: وهو قول مقاتل، والضحاك، ورواية عطاء عن ابن عباس. وقد روى الطبري ١٧/ ٢١ من طريق ابن جريج قال: قال ابن عباس وجعلنا فيها فجاجا سبلا" قال: بين الجبال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦٢٧ وعزاه للطبري وابن المنذر. وهي رواية ضعيفة؛ لأن ابن جريج لم يلق ابن عباس. قال الإمام أحمد: إذا قال ابن جريج: قال فلان وقال فلان وأخبرت جاء بمناكير، وإذا قال: أخبرني وسمعت. فحسبك. "تهذيب التهذيب" ٦/ ٤٠٤.
(٢) (لا): ساقطة من (أ).
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري ٨/ ٤١٣ وفيه هذا الكلام منسوبًا إلى الليث، و"الصحاح" للجوهري ٤/ ١٣٧٥، وفي "العين" ٥/ ٨١: سقف: عماد البيت، و"لسان العرب" لابن منظور ٩/ ١٥٥ (سقف).

<<  <  ج: ص:  >  >>