للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤٣ - وقوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}، قال المفسرون: أذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطائفة في التخلف عنه فأنزل الله هذه الآية (١)، قال الحسين بن الفضل: هذا من لطيف المعاتبة ولو لم يفتتح الخطاب بالعفو ما كان يقوم لقوله: {لِمَ (٢) أَذِنْتَ لَهُمْ} فطيب الله نفسه بتصدير العفو، وذلك أنه أذن لهم من غير مؤامرة (٣)، ولم (٤) يكن (٥) له أن يمضي (٦) شيئاً


= مقدور، وأن الاستطاعة تقارن الفعل، أن نقول: القدرة من الصفات المتعلقة، ويستحيل تقديرها دون متعلق لها، فإن فرضنا قدرة متقدمة، وفرضنا مقدوراً بعدها في حالتين متعاقبتين فلا يتقرر على أصول المعتزلة تعلق القدرة بالمقدور، فإنا إذا نظرنا إلى الحالة الثانية فلا تعلق للقدرة فيها، فإذا لم يتحقق في الحالة الأولى إمكان، ولم يتقرر في الحالة الثانية اقتدار، فلا يبقى لتعلق القدرة معنى. أهـ. وانظر أيضًا: "غاية المرام من علوم الكلام" ص ٢٤٥، و"شرح العقيدة الطحاوية" ٢/ ٦٣٣.
الثالث: قول عامة أهل السنة ومحققي المتكلمين، وهو أن الاستطاعة قسمان:
أ- استطاعة للعبد بمعنى الصحة والوسع، وسلامة الآلات والتمكن وانتفاء الموانع، فهذه قد تتقدم الفعل، وهي المذكورة في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧]، وكذا في قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤]، فالمراد من الاستطاعة في الآيتين استطاعة الأسباب والآلات وانتفاء المانع.
ب- استطاعة للعبد تكون موجبة للفعل، محققة له، فيها يتحقق وجوده، ويظهر كيانه، وهذه الاستطاعة مقارنة للفعل لا تتقدمه. انظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" ٨/ ٣٧٢، و"شرح العقيدة الطحاوية" ٢/ ٦٣٣.
(١) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ١٤٢، وابن أبي حاتم ٦/ ١٨٠٥، والسمرقندي ٢/ ٥٣، وابن الجوزي ٣/ ٤٤٥.
(٢) ساقط من (ج).
(٣) يعني: من غير أمر الله له بذلك.
(٤) ساقط من (ج).
(٥) في (ج): (لكن).
(٦) في (ج): (ينهي).

<<  <  ج: ص:  >  >>