للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ}. وقال أهل المعاني: لما كان السؤال منه ما يحسن ومنه ما يقبح، وجب ألا يسأل إلا عما يعلم أنه يحسن. {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي}، قال ابن عباس: يريد جهلي {وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، وهذه الآية تدل على جواز وقوع الصغيرة من الأنبياء عليهم السلام (١)؛ لأن المغفرة لا تكون للطاعة وإنما تكون للمعصية.

٤٨ - قوله تعالى: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ}، قال ابن عباس (٢): يريد من السفينة إلى الأرض {بِسَلَامٍ مِنَّا}، قالوا: بسلامة منا، وقالوا: بتحية منا {وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ}، معنى البركة في اللغة: ثبوت الخير حالاً بعد حال، وأصله الثبوت، ومنه البروك، والبركة لثبوت الماء فيها، وبراكاء للقتال في قول الشاعر (٣):


(١) هذا القول هو قول أهل السنة، بل قول أكثر علماء الإسلام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "القول بأن الأنبياء معصومون من الكبائر دون الصغائر، هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام، كما ذكر أبو الحسن الآمدي أن هذا قول أكثر الأشعرية، وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء، بل لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول"."مجموع فتاوى ابن تيمية" ٤/ ٣١٩.
(٢) "زاد المسير" ٤/ ١١٥، وقال به الطبري ١٢/ ٥٤، والثعلبي ٧/ ٤٥ أ، والبغوي ٤/ ١٨١، والقرطبي ٩/ ٤٨.
(٣) البيت لبشر بن أبي خازم، وصدره:
ولا ينجي من الغمرات إلا
والبراكاء: الثبات في الحروب. انظر: "ديوانه" ص ٧٩، و"اللسان" (برك) ١/ ٢٦٧، "الخزانة" ٣/ ٣٥٩، "تهذيب اللغة" ١/ ٣١٩، "الدر المصون" ٥/ ٤١، "جمهرة اللغة" /٣٢٥، "شرح التصريح" ٢/ ٢٩١، "شرح المفصل" ٤/ ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>