للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما نزل قوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: ٩] وقالوا: كيف نتبع من لا يدري ما يفعل به ولا بمن آمن به وصدَّقه، واشتد ذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} قال: يريد: قضينا لك قضاء واجباً (١)، ونحو هذا قال مقاتل في سبب النزول سواء (٢).

وقال أهل التفسير: قضينا لك قضاء مبيناً، يعني: الإسلام، وهو قول قتادة، واختاره الزجاج، وقال معناه: حكمنا لك بإظهار دين الإسلام والنصرة على عدوك (٣)، فهذا الفتح في الدين وهو الهداية إلى الإسلام ودليل ذلك قوله تعالى:

٢ - {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}، واختلفوا في الجالب لهذه اللام في (ليغفر) فالذين قالوا: هذا الفتح في الدين ومعناه الحكم له بالإسلام والهداية، تتعلق اللام بالفتح, لأن سبب مغفرة الذنب هو الدين والإسلام، فكأنه قال: هديناك للدين ليغفر لك، وهذا معنى قول الحسن (٤): فتح الله عليك الإسلام ليغفر لك الله، وأبي إسحاق. ومن ذهب إلى أن المراد بالفتح صلح الحديبية، ذكر في اللام وجوهاً أحدها: ما قال أبو حاتم: وهو أنه قال هذه اللام لام اليمين، كأنه قال ليغفرن الله لك،


(١) ذكر ذلك الثعلبي ونسبه لمقاتل بن سليمان، انظر: "تفسيره" ١٠/ ١٣٣ أ، ونسبه القرطبي ١٦/ ٢٥٩ للضحاك عن ابن عباس، وانظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٦٥، وذكره المؤلف في "أسباب النزول" ص ٤٠٣ عن عطاء عن ابن عباس.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٦٥.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٩.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١٠/ ١٣٣ أ، "الدر المصون" ٦/ ١٥٩، "تفسير الوسيط" ٤/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>