للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣٣ - قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} قال ابن عباس: يريد ليُعرف النهار من الليل، والليل من النهار (١).

قال الزجاج: معناه دآئبين (٢) في إصلاح ما يصلحانه من النبات وغيره لا يفْتُران (٣)، ومعنى الدؤوب في اللغة: مرور الشيء في العمل على عادة جارية فيه، دأب يَدْأَبُ دأْبًا ودُؤُوبًا (٤) وقد ذكرنا هذا في قوله: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} [يوسف: ٤٧]

وقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} قال ابن عباس: يريد لتبتغوا بالنهار من فضله وتقوموا بطاعته وفرائضه، واليل لتسكنوا فيه، وجعل ذلك راحة لكم (٥).

٣٤ - قوله تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} قال أبو علي: المفعول محذوف تقديره من كل مسؤول شيئًا أو مسؤولًا أو نحو ذلك، ومثله قوله: {يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ} [البقرة: ٦١] أي: شيئًا، فحذف المفعول، وكذلك قوله: {وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: ١٦] قال: ويجوز في قياس قول أبي الحسن (٦) أن يكون الجار والمجرور في موضع


(١) لم أقف عليه، والذي ذكره الطبري والثعلبي وغيرهما عن ابن عباس قولاً آخر؛ هو قوله: دؤوبهما في طاعة الله. انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٢٢٥، و"الثعلبي" ٧/ ١٥٥ ب، والبغوي ٣/ ٣٦، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ١٥٨.
(٢) في جميع النسخ: (آيتين)، والمثبت هو الصواب وموافق للمصدر.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٦٣ بنصه تقريباً.
(٤) انظر: (دأب) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١١٢٧، و"المحيط في اللغة" ٩/ ٣٧٦، و"مقاييس اللغة" ٢/ ٣٢١، و"الصحاح" ١/ ١٢٣.
(٥) انظر: "تفسير القرطبي" ٩/ ٣٦٧، مختصراً.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٠٠، ورد القول مجملاً ففصَّله أبو علي.

<<  <  ج: ص:  >  >>