للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أُعْطِيَ ثوابَها، ولَمْ يُحْرَمْ مِن الدنيا ما يُعطَاه مِنْ عَمَلِ الدنيا (١)، مِمَّا قُسِمَ له.

١٤٦ - قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ}.

اجتمعوا (٢) على أنَّ معنى (كَأَيِّنْ): كم (٣)؛ وتأويلها: التكثير لعدد الأنبياء الذين هذه صفتهم. والكاف (٤) في (كَأَيِّنْ) كافُ التَّشْبِيه، دخلت على (أيٍّ)، التي هي الاستفهام-، كما دخلت على (ذا) مِن (كَذَا (٥)، و (أَنَّ) مِن (كَأَنَّ)، ولا معنى للتشبيه فيه، كما أنه لا معنى للتشبيه في (كَذَا)؛ لأنك تقول: (لي عليه كَذَا وكَذَا)؛ معناه: لي عليه عددٌ مَّا. فلا معنى للتشبيه. إلا أنها زيادةٌ لازمةٌ، لا يجوز حذفُها.

ولم يقع للتنوين صورةٌ في الخط، إلا في هذا الحرف خاصَّةً.

وكَثُرَ استعمالُ هذه الكلمة، فصارت كَكَلِمَةٍ واحدةٍ، موضوعة


(١) في "تفسير الطبري" مع ما يجري عليه من الرزق في الدنيا.
(٢) في (ج): (أجمعوا). وكذا ورد في "تفسير الفخر الرازي" ٩/ ٢٧ حيث نقل هذا النص عن المؤلف.
(٣) هي (كم) الخبرية التي يُكنى بها عن معدود كثير، ولكنه مجهول الجنس والكمية. و (كأين تشترك مع (كم) -هنا- في إفادة التكثير للمعدود، وهو الغالب من استعمالها، وتستعمل في الأكثر مع (مِنْ)، ولا تأتي استفهامًا إلا في النادر، وهو رأي الجمهور، وأثبت وقوعها استفهامًا: ابن قتيبة وابن عصفور وابن مالك؛ كما أفاد ذلك ابن هشام. ويرى سيبويه أن معنى (كأين) معنى: (رُبَّ).
انظر: "كتاب سيبويه" ٢/ ١٧٠، و"تأويل مشكل القرآن" ٥١٩، و"الإيضاح العضدي" ١/ ١٤٣، و"المغني" لابن هشام ٢٤٦، و"النحو الوافي" ٤/ ٥٧٧ - ٥٨٠.
(٤) من هنا إلى نهاية: (.. لدن غدوة): نقل معناه عن "الحجة"، للفارسي ٣/ ٨٠ - ٨٢، مع إضافات أخرى لم أقف على مصادرها.
(٥) (كذا) من كنايات العدد المبهمة التي يكنى بها عن معدود؛ سواء كان كثيرًا أو قليلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>