وحدُّ السَّفَرِ الذي يبيح الإفطار: ستة عشر فرسخا (١) فصاعدًا. والإفطار رخصة من الله للمسافر، فمَنْ أَفْطَرَ فبرخصة الله أخذ، ومن صام ففرضه أدى، على هذا عامة الفقهاء. فهذا النص منقول من تفسير الثعلبي دون عزو إليه، والأمثلة على ذلك كثيرة ولا تحصى؛ لأن تفسير الثعلبي كالعمود الفقري وعمود الخيمة بالنسبة لتفسير البسيط.
[ويمكن أن نسجل هنا مقارنة بين "الكشف والبيان" للثعلبي و"البسيط" للواحدي في النقاط الآتية]
١ - يعتبر تفسير الثعلبي من تفاسير الرواية المسندة، حيث يروي كثيرًا من الأحاديث والآثار والأخبار والأشعار بسنده، بينما لا نجد هذا في البسيط إلا قليلًا. وغالب ما فيه من المرويات مأخوذ من تفسير شيخه.
٢ - بسط الواحدي البحث في مجال اللغة والقراءات تدقيقًا وتحقيقًا ومناقشة وتوجيهًا، بينما نجد هذين الجانبين في تفسير الثعلبي على نحو مختصر، وكأن كتاب الواحدي استدراك على كتاب شيخه في هذين الجانبين.
٣ - أكثر الثعلبي في كتابه من الإسرائيليات والأحاديث الضعيفة والموضوعة، وقد تقدم أنه ذكر الحديث الموضوع في فضائل السور، وهذا مما أخذ عليه، قال ابن الجوزي عن تفسير "الكشف والبيان": "ليس فيه ما يعاب به، إلى ما ضمنه من الأحاديث الواهية التي هي في الضعف متناهية،
(١) الفرسخ: ثلاثة أميال هاشمية، والميل: ستة آلاف ذراع، والذراع: أربعة وعشرون أصبعا معتدلة، أي: أن طول الفرسخ حوالي ٦ ك. ينظر: "المجموع شرح المهذب" ٤/ ١٩٠، و"القاموس" ص ٣٢٩، و"المكاييل والأوزان الإسلامية وما يعادلها في النظام المتري" ص ٩٠٤.