للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} قال ابن عباس: يريد لا تحزن على القوم الذين عصوك وعصوني (١).

وقال مقاتل: إنهم قالوا لموسى: ما صنعت بنا؟ وندم موسى على ما دعا عليهم، فأوحى الله إليه: {فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (٢).

يقال: أسي يأسى أسًى، أي: حزن (٣).

وقال الزجاج: وجائز أن يكون خطابًا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - أي لا تحزن على قومٍ لم يزل شأنهم المعاصي ومخالفة الرسل (٤).

٢٧ - قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ}.

قال ابن عباس في رواية عطاء: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ} يا محمد، يريد على قومك، {نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} كما كان، يريد هابيل وقابيل. وكان هابيل له ضأن، وقابيل له زرع، {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا} فنظر هابيل إلى خير كبش في ضأنه فتقرب به إلى الله، ونظر قابيل إلى شر قمحه، فتقرب به إلى الله، فنزلت نار من السماء فاحتملت قربان هابيل، ولم تحمل قربان قابيل، فعلم أن الله قد قَبِلَ من أخيه ولم يقبل منه فحسده، قال الله تعالى: {فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا} يريد هابيل {وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ} يريد قابيل. ويقال إن قربان هابيل هو الكبش الذي فدى الله به إسماعيل (٥) {قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ} هابيل {إِنَّمَا


(١) "تفسيره" ص ١٧٦، وأخرجه الطبري في "تفسيره" ٦/ ١٨٦ بلفظ: لا تحزن لا غير.
(٢) بنحوه في "تفسيره" ١/ ٤٦٧، ٤٦٨.
(٣) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٣٩، والطبري في "تفسيره" ٦/ ١٨٥.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٦٦، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٢٣١.
(٥) كأن هذا القول اعتراض ضمن قول ابن عباس، فإنه نُسِب إلى سعيد بن جبير. انظر القرطبي في "تفسيره" ٦/ ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>