للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خياطة الخياط، وبناء الباني، ونجر النجار، ويضاف إلى المفعول, لأنه فيه حَلَّ، يقولون: ما أحسن بناءَ هذه الدار، وخياطةَ هذا الثوب، ونجرَ هذا الباب، ومثل هذا في القرآن كثير؛ كقوله: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: ١٧٧] أي: حب المال {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} [الإنسان: ٨]: أي حب الطعام، ومثله: {بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ} [ص: ٢٤] وهذا مما ذكرنا قديمًا (١).

٣، ٤ - قوله تعالى: {سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ} ذكرنا تفسير البضع عند قوله: {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: ٤٢] (٢). أخبر الله تعالى: أن الروم بعد ما غُلبوا سيغلبون، ويصيرون غالبين لفارس؛ روى عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: لما نزلت: {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} ناحب أبو بكر قريشًا ثم أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: إني ناحبتهم، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فهلا احتطت فإن البضع ما بين الثلاث إلى التسع" (٣).


(١) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قال الفراء والزجاج: والمعنى: بسؤاله نعجتك فأضيف المصدر إلى المفعول لما ألقيت الهاء من السؤال، ومثله: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} [فصلت: ٤٩] أي: من دعائه بالخير، فلما ألقى الهاء أضيف الفعل إلى الخبر وألقي من الخبر الباء، كقول الشاعر:
ولست مُسلِمًا ما دمت حيًا ... على زيد بتسليم الأمير
أي: بتسليمي على الأمير.
(٢) ذكر الواحدي في تفسير هذه الآية الخلاف في البضع، والأقوال التي ذكرها:
١ - البضع ما لم يبلغ العقد ولا نصفه؛ أي: من واحد إلى أربعة. قاله أبو عبيدة.
٢ - قال الأصمعي: ما بين الثلاث إلى التسع، وصححه الزجاج.
٣ - البضع ما بين العقدين، وهو قول الأخفش. ثم قال الواحدي: وعامة المفسرين على أن المراد بالبضع هاهنا: سبع.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢١/ ١٧، من طريق ابن شهاب الزهري عن عبيد الله، عن عبد الله بن عباس. ومن الطريق نفسه أخرجه الترمذي ٥/ ٣٢٠، كتاب التفسير، =

<<  <  ج: ص:  >  >>