للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والاختيار هو القول الأول؛ لقوله تعالى إخبارًا عن فرعون: {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: ١٠١] لا يجوز أن يكون أراد مخلوقًا، وذاسحْر، وإنما أراد: مخدوعًا، والمشركون كانوا يذهبون إلى أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يُعَلَّم ما يأتي به ويُخْدع بذلك، يدلّ على هذا قوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: ١٠٣]، فلذلك قالوا له: {مَسْحُورًا}.

٤٨ - قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ}، أي: بينوا لك الأشباه؛ حين شبهوك بالكاهن والساحر والشاعر والمعلَّم والمجنون.

قال ابن قتيبة: وهذه الآية تدل على أن المسحور في الآية الأولى بمعنى المخدوع؛ لأنهم لو أرادوا رجلاً ذا رِئَةٍ لم (١) يكن في ذلك مَثَلٌ ضربوه، ولكنهم لما أرادوا رجلاً مخدوعًا -كأنه بالخديعة سُحِر- كان مثلًا ضربوه وتشبيهًا شبهوه (٢).

وقوله تعالى: {فَضَلُّوا}: أي عن الحق والطريق المستقيم، {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا}، قال مجاهد: مخرجًا (٣)، وقال ابن عباس: يريد سبيل الهدى (٤).


= (لأمر)، قال ابن بري: (مُوضِعِين): سائرين مسرعين، و (لأمر غيب): يريد الموت، وأنه قد غُيِّب عنا وقتُه، ونحن نُلْهَى عنه بالطعام والشراب؛ فكأنَّما نُخدع.
(١) في جميع النسخ، (ولم)، وهذه الواو رائدة أن إلى اضطراب المعنى، ويستقيم بدونها؛ كما في المصدر.
(٢) "الغريب" لابن قتيبة ١/ ٢٥٧، بنصه.
(٣) "تفسير مجاهد" ١/ ٣٦٣ بلفظه، وأخرجه "الطبري" ١٥/ ٩٧ بلفظه، وورد بلفظه في "تفسير هود الهواري" ٢/ ٤٢٣.
(٤) ورد بلا نسبة في "تفسير ابن عطية" ٩/ ١٠٤، و"القرطبي" ١٠/ ٢٧٣، و"أبي حيان" ٦/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>