للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٥٥ - قوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا} قال ابن عباس في رواية عطاء: غاظونا، وقال في رواية الكلبي: أغضبونا، وهو قول مقاتل وقتادة ومجاهد وغيرهم (١)، وذكرنا تفسير هذا الحرف عند قوله: {غَضْبَانَ أَسِفًا} [الأعراف: ١٥٠]، قال عبد الرزاق: غضب ابن جريج في شيء فقيل له: أتغضب يا أبا خالد؟ فقال: قد غضب الذي خلق الأحلام، إن الله تعالى يقول: {فَلَمَّا آسَفُونَا} أي أغضبونا.

ونحو هذا روي أن وهب بن منبه كان عند عروة بن الزبير وشكا إليه عامل له فأكثروا عليه (٢) فقالوا: فعل وفعل وثبتت البينة عليه، فلم يملك وهب نفسه، فضربه على يديه بعصا، فإذا دماء يشخب، فضحك عروة واستلقى على قفاه، وقال: يعيب علينا أبو عبيد الله الغضب في حكمته وهو يغضب. فقال وهب: وما لي لا أغضب، وقد غضب خالق الأحلام. إن الله يقول (٣): {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}.

٥٦ - قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} يقال: سلف يسلف، إذا تقدم ومضى، وسلف له عمل صالح، أي: تقدم، والسلف كل شيء قدمته من عمل صالح أو ولد، قرضا وقرض فهو سلف. وهذا وجه واحد، ويقال في جمعه الأسلاف، والسلف أيضًا من تقدم من آبائك وذوي قرابتك، واحدهم سالف، ومنه قول طفيل يرثي قومه:


(١) انظر: المرجعين السابقين، و"تفسير الطبري" ١٣/ ٨٤، "الماوردي" ٥/ ٢٣١، "البغوي" ٧/ ٢١٨، "زاد المسير" ٧/ ٣٢٢.
(٢) أي: بالغوا في الشكوى.
(٣) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٠٣، "تفسير أبي الليث" ٣/ ٢١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>