ثانيًا: أن الله تعالى تمدح بنفي الظلم عن نفسه كقوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦]، وقوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غافر: ٣١] ولا يليق بالله تعالى أن يتمدح بنفي المستحيل، وبالأمر الذي لا تمكن القدرة عليه، إذ ليس فيه مدح ولا ثناء ولا فائدة، وإنما يكون المدح بترك الأفعال المذمومة المقدور عليها، فتبين من ذلك أن الله قادر على ما نزه نفسه عنه من الظلم، لكنه لا يفعله لأنه حرمه على نفسه، وتنزه عن فعله. ثالثا: أن الله تعالى: قال: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: ١١٢]، ومعلوم بداهة أن الخوف من الشيء يستلزم تصور وجوده وإمكانه، أما ما لا يمكن وجوده فيستحيل الخوف منه، فعلم أن ظلم الله لعباده ممكن غير مستحيل، لكنه لا يفعله تنزهًا، فعباده واثقون بعدله، آمنون من جوره. انظر تفصيل ما سبق ذكره في: "مختصر الصواعق المرسلة" ص ١٨٩ - ٢٠٦، و"الأصول الخمسة" للهمداني ص ٣٤٥ - ٣٥٤، و"غاية المرام" ص ٢٤٤. (١) ذكره عنهم الثعلبي ٦/ ٦٧ ب، وانظر قول أبي عبيدة في: "مجاز القرآن" ١/ ٢٤٧، وقول الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٩. (٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ح). (٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٢٠. (٤) انظر: "مجمل اللغة" (دأب) ٢/ ٣٤٢، و"لسان العرب" (دأب) ٣/ ١٣٧.