الأول: قول المعتزلة، فقد ذهبوا إلى أن الظلم الذي ينزه عنه الخالق من جنس الظلم الذي ينهى عنه المخلوق، فشبهوا الله بخلقه، وأوجبوا عليه جنس ما يجب على المخلوق. الثاني: قول الأشاعرة وطوائف من أهل الكلام وبعض أهل الحديث: إن الظلم من الله تعالى ممتنع لذاته، لأن الظلم -عندهم-: التصرف في ملك الغير، أو الخروج عن طاعة من تجب طاعته، وهذان ممتنعان في حق الله تعالى. الثالث: قول كثير من أهل السنة وبعض أهل الكلام: إن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، فالظلم ممكن لذاته، يمتنع وقوعه من الرب تعالى ولا يفعله؛ لكمال عدله ورحمته وغناه، وعلمه بقبحه، ولإخباره أنه لا يفعله، فالله تعالى لا يضع الأشياء في غير مواضعها، كأن يبخس المحسن شيئًا من إحسانه، أو يحمل عليه من سيئات غيره، أو يعاقبه بلا موجب للعقاب، ونحو ذلك، وهذا القول هو الحق الذي دلت عليه النصوص واللغة. انظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" ٨/ ٥٠٥ - ٥١٠، ١٧/ ١٧٥ - ١٨٠, ١٨/ ١٣٧ - ١٥٦، و"مختصر الصواعق المرسلة" ص ١٨٩ - ٢٠٦، و"غاية المرام في علم الكلام" ص ٢٤٤، ٢٤٥، و"لسان العرب" (ظلم) ٥/ ٢٧٥٧. وقول المؤلف رحمه الله: (ومن كان له أن يتصرف في ملكه كما يشاء استحال نسبة الظلم إليه) مردود لما يأتي: أولاً: ما جاء في الحديث القدسي. "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته =