للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثالث: أنه أراد بهذا رزقَ أهل الجنة، ورَزْقُهم بغير حساب؛ لأنه دائمٌ، كقوله: {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر: ٤٠] وذلك أن رِزْقَهُم لا يَتَنَاهى، وما لا نهاية له لا حساب له. وقال ابن الأنباري: هذا في الدنيا يرزقُ عباده من غيرِ محاسبةٍ ولا استحقاق، ولو فعل ذلك لخرج الكفار من الأرزاق، فجعل فضله يشملهم، ورزقه يعمهم، بتفضل منه عليهم، وفيهم من لا يستحق الرزق والإحسان، فكان ذلك على غير حساب، لأنه لا يحاسب بالرزق في الدنيا على قدر العمل، وهذا الوجه اختيار الزجاج (١)، وذكرنا معنى الحساب فيما تقدم.

٢١٣ - قوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} الآية، قال ابن عباس: كان الناس على عهد إبراهيم عليه السلام أمةً واحدةً كفارًا كلهم، وولد إبراهيم في جاهلية، فبعث الله إليهم إبراهيم وغيره من النبيين (٢).

وقال الحسن (٣) وعطاء (٤): كان الناس من وقت وفاة آدم إلى مبعث نوح أمة واحدة على ملة واحدة وهي الكفر، كانوا كفارًا كلهم أمثال البهائم، فبعث الله عز وجل نوحًا وإبراهيم وغيرهما من النبيين.

قال ابن الأنباري: على هذا القول وإن كان فيما بينهم من لم يكن


(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٢.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٣٧٦ من طريق العوفي، وذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ٢٤٣، "الدر المنثور" ١/ ٤٣٥.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ٧١٤، "البغوي" في "تفسيره" ١/ ٢٤٣، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٣١٥، والرازي في "تفسيره" ٦/ ١٣٣، "غرائب النيسابوري" ٢/ ٣٠٣.
(٤) انظر المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>