للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المؤمنين، {بِغَيْرِ حِسَابٍ} يعني: ليس فوقي من يحاسبني، لي الملك أعطي من شئت بغير حساب (١). وهذا معنى قول الحسن (٢)؛ لأنه قال: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} لا يسأل عما يفعل. هذا الذي ذكرنا هي أقوال المفسرين.

ولأصحاب المعاني أقوال (٣) في هذا:

أحدها: أن ما يعطي الله تعالى العبد على نوعين: ما يستحقه بعمله، ومنه ما يعطيه من فضله ابتداءً من غير استحقاق بعمل، كقوله تعالى {فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ١٧٣] فقوله: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} يعني: ما يتفضل به لا على حساب العمل.

والثاني: لا يخاف نفاد ما عنده فيحتاج إلى حساب ما يخرج منه، إذ كان الحساب من المعطي إنما يكون ليعلم ما يعطي وما يبقى ولا يتجاوز في عطائه إلى ما يجحف به، والله تعالى لا يحتاج إلى الحساب؛ لأنه عالم غني لا يتناهى لمقدوره ولا يخاف نفاد ما عنده (٤).


(١) "تفسير مقاتل" ١/ ١٨١، ونقله في "البسيط" ١/ ٣١٥.
(٢) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٣١٥، وينظر: "البحر المحيط" ٢/ ١٣١، "غرائب النيسابوري" ٢/ ٣٠١.
(٣) ينظر في هذه الأوجه: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٣٤، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٧١٣، و"تفسير السمعاني" ٢/ ٢٦٤، "النكت والعيون" ١/ ٢٧٠، "تفسير البغوي" ١/ ٢٤٣، "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٥ - ٢٠٦، "زاد المسير" ١/ ٢٢٨ - ٢٢٩، "التفسير الكبير" ٦/ ٩ - ١٠، وقد ذكر ثمانية أوجه، إذا كان المراد به عطاء الآخرة، وثلاثة إذا حملت الآية على عطاء الدنيا. "البحر المحيط" ٢/ ١٣١.
(٤) روى نحوه عن الربيع بن أنس كما في "الدر المنثور" ١/ ٤٣٥، وهذا اختيار الطبري" ٢/ ٣٣٤، وينظر: "تفسير الثعلبي" ٢/ ٧١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>