للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعقاب يَعْقُبُ الجُرْمَ (١).

وقال ابن عباس في رواية عطاء: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} يريد: الذين آمنوا بالله {كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} يريد ما أعطى موسى {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ} يريد: من تخلف من الإيمان من قريظة والنضير وبني إسرائيل (٢)، فعلى هذا: السؤال راجع إلى مؤمني أهل الكتاب.

وقال مجاهد (٣): النعمة في هذه الآية يراد بها: الحججُ والبراهينُ التي تدل على صحة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ونبوته، مما في كتابهم، وتبديلهم إياها: تغييرهم نعتَه وصفتَه وذكَره، وهذا الوجه اختيار الزجاج (٤).

٢١٢ - قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} الآية، إنما لم يقل: (زينت)؛ لأن الحياة مصدر، فذهب إلى تذكير المصدر، كقوله: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة: ٢٧٥] {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} [هود:


(١) ينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٣.
(٢) تقدم الحديث عن رواية عطاء في المقدمة.
(٣) قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٢: ونعمة الله، لفظ عام لجميع أنعامه، ولكن يقوي من حال النبي - صلى الله عليه وسلم - معهم أن المشار إليه هنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فالمعنى: ومن يبدل من بني إسرائيل صفة نعمة الله، ثم جاء اللفظ منسحبا على كل مبدل نعمة لله تعالى، وقال الطبري: النعمة هنا الإسلام، وهذا قريب من الأول، ويدخل في اللفظ أيضا كفار قريش الذين بعث محمد منهم نعمة عليهم فبدلوا قبولها والشكر عليها كفرًا، والتوراة أيضًا نعمة على بني إسرائيل أرشدتهم، وهدتهم فبدلوها بالتحريف لها، وجحدوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم -.
(٤) ذكره الزجاج ١/ ١٨١، وذكر ابن الجوزي ١/ ٢٢٧، أن في المراد بتبديل النعمة ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الكفر بها، قاله أبو العالية ومجاهد. والثاني: تغيير صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في التوراة قاله أبو سليمان الدمشقي. والثالث: تعطيل حجج الله بالتأويلات الفاسدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>