للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦٧] هذا قول الفراء (١).

وقال الزجاج: تأنيث الحياة ليس بحقيقي، لأن معنى الحياة والعيش والبقاء واحد، وكأنه قال: زين للذين كفروا البقاء (٢).

وقال ابن الأنباري: إنما لم يقل: (زينت)، لأنه فصل بين زين وبين الحياة بقوله: {لِلَّذِينَ كَفَرُوا}، وإذا فصل بين فعل المؤنث وبين الاسم بفاصل حسن تذكير الفعل؛ لأن الفاصل يكفي من تاء التأنيث (٣)، ويقال: من الذي زين لهم؟ قيل: فيه قولان:

أحدهما: زَيَّنَها لهم إبليس بما يمنيهم ويعدهم من شهواتها، قاله ابن كيسان والزجاج (٤).

والقول الثاني: أن الله تعالى زَيَّنَها لهم حين بَسَطَها وَوَسَّعَها عليهم، فهي هَمُّهم وطَلِبَتُهْم ونِيَّتُهم وهم لا يريدون غيرها، كقوله: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [النجم: ٢٩] وإنما فعل الله ذلك بهم


(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٢٥، وقال: فأما في الأسماء الموضوعة فلا تكاد العرب تذكر فعل مؤنث، إلا في الشعر لضرورته، وقد يكون الاسم غير مخلوق من فعل، ويكون فيه معنى تأنيث، وهو مذكر فيجوز فيه تأنيث الفعل وتذكيره على اللفظ مرة وعلى المعنى مرة، ومن ذلك قوله عز وجل: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ} [الأنعام ٦٦] ولم يقل: كذبت، ولو قيلت لكان صوابا، كما قال {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ} [الشعراء ١٠٥].
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨١، وقد ذكر أيضا العلة التي ذكرها ابن الأنباري بعد.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨١، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٧٠٢، "البحر المحيط" ٢/ ١٢٩، قال: وقرأ ابن أبي عبلة: زينت، بالتاء وتوجيهها ظاهرة لأن المسند إليه الفعل مؤنث. وينظر: "الدر المصون" ٢/ ٣٧١.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>