للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخوف، يدل عليه أن في حرف أُبي: لباسَ الخوف والجوع (١)، فقد جعل للخوف لباسًا كما جعل للجوع، وحَمْلُه على الخفض باللباس أولى من حمله على الإذاقة؛ لأن اللباس أقرب إليه، فحمله على الأقرب أولى، وليكونا محمولين على عامل واحد، كما كان في قوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ} [البقرة: ١٥٥]، الحمل على عامل واحد (٢).

وقوله تعالى: {بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} قال ابن عباس: يريد بفعلهم بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- حيث كذبوه وأخرجوه من مكة وما هموا به من قتله (٣).

قال الفراء: ولم يقل بما صنعت، ومثله في القرآن كثير، منه قوله: {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُون} [الأعراف: ٤] ولم يقل: قائلة، فإذا قال: {قَائِلُون} ذهب إلى الرجال، وإذا قال: قائلة، فإنما يعني أيضًا أهلها، ومثله: {فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا} إلى قوله: {فَذَاقَتْ} (٤) [الطلاق: ٨ - ٩].

١١٣ - قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ} يعني أهل مكة، {رَسُولٌ مِنْهُمْ} يعني مِنْ نسبهم يعرفونه بأصله ونسبه، {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَاب}، قال ابن عباس: يعني الجوع الذي كان بمكة (٥)، وقال مجاهد: يعني القتل


= -غير هذا الوجه- في نصب {وَالْخَوْفِ}. انظر: "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦٥ ب، و"الدر المصون" ٧/ ٢٩٣.
(١) انظر: "تفسير أبي حيان" ٥/ ٥٤٤، وقال: وهذا عندي في مصحفه قبل أن يجمعوا على ما في سواد المصحف الموجود الآن، وعليه فهي قراءة شاذة.
(٢) "الحجة للقراء" ٥/ ٨٢، بنصه تقريبًا.
(٣) انظر: "تفسير الرازي" ٢٠/ ١٢٩ بنصه، وابن الجوزي ٤/ ٥٠١، بنحوه بلا نسبة.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١١٤، بنصه تقريبًا.
(٥) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٥٠١، والفخر الرازي ٢٠/ ١٣٠، وأخرجه الطبري ١٤/ ١٨٧، بنحوه عن قتادة، وورد بلا نسبة في "تفسير القرطبي" ١٠/ ١٩٥، و"تفسير الألوسي" ١٤/ ٢٤٥، ورجحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>