للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأذاقني الله ذلك (١).

وقال أبو علي: {لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} المعنى فيه: مقارنة (٢) الجوع لهم ومَسُّه إيّاهم؛ كمخالطة الذائق ما يذوقه، واللابس ما يَلْبَسُه، واتصاله بما وقع عليه الذوق، وكذلك لباس الجوع هو مَسُّه لهم كمَسّ الثوب للابسه، وأنشد لجرير:

وقد لَبِسَتْ بَعْدَ الزّبَيرِ مُجَاشعٌ ... ثيابَ التي حاضَتْ ولَمْ تَغْسلِ الدّمَا (٣)

يريد أن العار والسُّبَّة لحقتهم، واتصل بهم لغدرهم، فجعل ذلك لباسًا (٤)، فعلى ما ذكر ابن قتيبة معنى {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} عَرَّفَها سوءَ أثرهما، وعلى ما ذكر أبو علي، جعل الجوع والخوف تَمَسَّانها وتُلابِسَانِها.

وروي عن أبي (٥) عمرو أنه قرأ: {وَالْخَوْف} نصبًا (٦) بأنْ على الإذاقة (٧)، والوجه قراءة العامة على معنى: فأذاقهم الله لباس الجوع ولباس


(١) "تأويل مشكل القرآن" ص ١٦٤ - ١٦٥، نقل طويل تصرَّف فيه واختصره.
(٢) في (أ)، (د): مفارقة، والمثبت من: (ش)، (ع)، وفي المصدر: مقاربة، وهو أيضًا تصحيف.
(٣) "ديوانه" ص ٤٤٨، وورد في: "المعاني الكبير" ١/ ٥٩٣، و"تفسير ابن عطية" ٨/ ٥٢٨، وورد بلا نسبة في "تفسير أبي حيان" ٥/ ٥٤٣، و"الدر المصون" ٧/ ٢٩٥، وجرير هنا يهجو البَعِيث، ومجاشع: قبيلة الفرزدق والبعيث.
(٤) "الحجة للقراء" ٥/ ٨٠، بتصرف يسير.
(٥) في جميع النسخ: ابن، والصحيح المثبت، وهو أبو عمرو أحد القراء السبعة.
(٦) انظر: "السبعة" ص ٣٧٦، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٦٢، و"علل القراءات" ١/ ٣٠٩، و"الحجة للقراء" ٥/ ٨٠، و"تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦٥ ب، والطوسي ٦/ ٤٣٣، وابن عطية ٨/ ٥٢٩، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٩٤.
(٧) قال الثعلبي: {وَالْخَوْفِ} بالنصب بإيقاع أذاقها عليه، وذكر السمين أربعة أوجه =

<<  <  ج: ص:  >  >>