للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٩١ - قوله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ}، قال ابن عباس: (يريد: أيعبدون ما لا يقدر أن يخلق شيئًا {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} يريد وهم مخلوقون (١)، يعني: الأصنام) (٢).

فإن قيل: كيف وحد {يَخلُقُ} وجمع فقال: {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} وجعل الواو والنون في جمع غير الناس؟ فقال ابن الأنباري: (أما الجمع بعد التوحيد فسائغ (٣) من قبل أن ما يقع على الواحد والاثنين والجميع و (٤) المؤنث بلفظهما، وأوقعها الله عز وجل على الأصنام المعبودة من دونه فوحد {يَخلُقُ} للفظها وبيّن معناها في قوله جل وعز {وَهُمْ يُخْلَقُونَ}، وأما جمعه الفعل بالواو والنون وأصحابه غير ناس (٥) فالحجة فيه أن الأصنام لما ادعى عابدوها أنها تعقل وتميز ووصفوها بالسمع والخلق، أجريت مجرى الناس، فجعلت علامة جمعها كعلامة جمع أفعال الناس، وجرى هذا مجرى قوله عز وجل: {فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: ٤٠]، وقوله: {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: ٤]. وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} [النمل: ١٨].


= وقد اختار هذا القول الحافظ ابن كثير في "تفسيره" ٢/ ٣٠٥ - ٣٠٦، وأطال في تقريره فأجاد وأفاد -رحمه الله تعالى-، وانظر: "الكشاف" ٢/ ١٣٨، وابن عطية ٦/ ١٧٤ - ١٧٦، والرازي ١٥/ ٨٦.
(١) في (ب): (وهم المخلوقون).
(٢) انظر: "تنوير المقباس" ٢/ ١٤٧، و"معاني الفراء" ١/ ٤٠٠.
(٣) في (ب): (فشائع).
(٤) لفظ: (الواو) ساقط من (ب).
(٥) انظر: "الكتاب" ٢/ ٤٧، و"المقتضب" ٢/ ٢٤٤، و"المغني" لابن هشام ٢/ ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>