للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} أي فأولئك هم المهتدون، وعسى من الله واجبة، ولكن ذكر بلفظ "عسى" ليكونوا على رجاء وطمع وحذر، وابن عباس والمفسرون يقولون: "عسى واجبة من الله" (١)، ومعنى الاهتداء ههنا الإمساك بطاعة الله التي تؤدي إلى الجنة.

١٩ - قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ} الآية، ذكر المفسرون أقوالًا في نزول هذه الآية فقال ابن عباس في رواية الوالبي: "قال العباس: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج، فأنزل الله هذه الآية" (٢)، وقال في رواية العوفي: "إن المشركين قالوا: عمارة بيت الله وقيام على السقاية خير من الإيمان


= الأول: خوف السر، وهو أن يخاف من غير الله أن يصيبه بما يشاء من مرض أو فقر ونحو ذلك بقدرته ومشيئته، فهذا الخوف لا يجوز تعلقه بغير الله أصلاً، ومن خاف غيره هذا الخوف فهو مشرك شركًا أكبر. قال تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: ٤٠].
الثاني: أن يترك الإنسان ما يجب عليه من الطاعة من غير عذر إلا خوف الناس، فهذا محرم.
الثالث: خوف وعيد الله الذي توعد به العصاة، وهذا من أعلى مراتب الإيمان.
الرابع: الخوف الطبيعي، كالخوف من عدو أو سبع ونحو ذلك، فهذا لا يذم، وهو الذي ذكره الله عن موسى-عليه السلام- في قوله تعالى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: ٢٢]. انظر: "تيسير العزيز الحميد" ص ٤٨٦، و"فتح المجيد" ص ٣٥٢.
(١) رواه عن ابن عباس، ابن جرير ١٠/ ٩٤، وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٦٦ من طريق علي ابن أبي طلحة الوالبي وهو في صحيفته ص٢٦٠، وقد ذهب إلى هذا القول الثعلبي ٦/ ٨٥ ب، والبغوي ٤/ ٢٠، والماوردي ٢/ ٣٤٨، والقرطبي ٨/ ٩١ وغيرهم، ولم أجده عن الحسن.
(٢) رواه الثعلبي ٦/ ٨٦ أ، والبغوي ٤/ ٢٢، وبنحوه ابن جرير ١٠/ ٩٥، وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>