للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٧٥ - قوله تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}، أي أنه رسول ليس بإله، كما أنهم رسل ليسوا آلهة، وإنما أتى بالمعجزات من قبل ربه كما أتوا بها من قبل ربهم، فمن ادعى له الإلهية فهو كمن ادعى لهم الإلهية؛ لتساويهم في المنزلة. وهذا معنى قول أبي إسحاق (١).

وقوله تعالى: {وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ}، ذكرنا معنى الصديق فيما سبق (٢)، وقيل لمريم (صديقة) لتصديقها بآيات ربها، ومنزلة ولدها، وتصديقها ما أخبرها. قال الله تعالى في صفتها: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} [التحريم: ١٢] (٣).

وقال الفراء: ووقع عليها التصديق (٤) كما وقع على الأنبياء، وذلك قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} [مريم: ١٧] فلما كلمها جبريل وصدقته وقع عليها اسم الرسالة، فكانت كالنبي (٥).

وقوله تعالى: {كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ}، قال أهل المعاني: هذه الآية احتجاج على النصارى بأن من ولَده النساء وهو يأكل الطعام لا يكون إلهًا للعباد؛ لأن سبيله سبيلهم في الحاجة إلى الصانع المدبر، والمعنى أنهما كانا يعيشان بالغذاء كما يعيش سائر الآدميين، فكيف يكون إله لا


(١) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٩٦.
(٢) عند تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩].
(٣) انظر: "النكت والعيون" ٢/ ٥٦، "تفسير البغوي" ٢/ ٨٣.
(٤) في (ج): (الصديق).
(٥) معاني القرآن ١/ ٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>