لكل ما قيل فيها، ويستشهد على كل قول بما يرويه في ذلك عن الصحابة أو التابعين.
ثم هو لا يقتصر على مجرد الرواية، بل نجده يتعرض لتوجيه الأقوال، ويرجح بعضها على بعض، كما نجده يتعرض لناحية الإعراب إن دعت الحال إلى ذلك، كما أنه يستنبط الأحكام التي يمكن أن تؤخذ من الآية، مع توجيه الأدلة وترجيح ما يختار.
[إنكاره على من يفسر بمجرد الرأي]
ثم هو يخاصم بقوة أصحاب الرأي المستقلين في التفكير، ولا يزال يشدد في ضرورة الرجوع إلى العلم الراجع إلى الصحابة أو التابعين، والمنقول عنهم نقلاً صحيحًا مستفيضًا، ويرى أن ذلك وحده هو علامة التفسير الصحيح، فمثلاً عند ما تكلم عن قوله تعالى في الآية (٤٩) من سورة يوسف: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} نجده يذكر ما ورد في تفسيرها عن السلف مع توجيهه للأقوال وتعرضه للقراءات بقدر ما يحتاج إليه تفسير الآية، ثم يعرج بعد ذلك على من يفسر القرآن برأيه، وبدون اعتماد منه على شيء إلا على مجرد اللغة، فيفند قوله، ويبطل رأيه، فيقول ما نصه " ... وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل، ممن يفسر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب، يوجه معنى قوله {وَفِيهِ يَعصِرُونَ} إلى: وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث، ويزعم أنه من العصر، والعصر التي بمعنى المنجاة، من قول أبي زبيد الطائي:
صاديًا يستغيث غير مغاث ... ولقد كان عصرة المنجود
أي: المقهور، ومن قول لبيد:
فبات وأسرى القوم آخر ليلهم ... وما كان وقافًا بغير معصر