للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو إسحاق: أعلم الله عز وجل أن تأليف قلوب المؤمنين من الآيات العظام، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى قوم أنفتهم شديدة، ونصرة بعضهم لبعض بحيث لو لطم رجل من قبيلة لطمة قاتل (١) عنه قبيلته حتى يدركوا ثأره؛ فألف الإيمان بين قلوبهم حتى قاتل الرجل أخاه وأباه وابنه، فأعلم الله عز وجل أن هذا ما تولاه منهم إلا هو (٢).

٦٤ - قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، قال أهل المعاني: كرر في {حَسْبُكَ اللَّهُ} بعد ما ذكر في قوله: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ}؛ لأن المعنى هناك: إن أرادوا خداعك كفاك الله أمرهم، والمعنى هاهنا عام في كل كفاية تحتاج إليها (٣). روى سعيد ابن جبير، عن ابن عباس: أن هذه الآية نزلت في إسلام عمر (٤)، وقال سعيد بن جبير: أسلم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة وثلاثون رجلاً وست نسوة ثم أسلم عمر فنزلت هذه الآية (٥).


(١) هكذا في جميع النسخ، وكذلك في "الوسيط" ٢/ ٤٦٩، باعتبار معنى القبيلة، وفي "معاني القرآن": فيقاتل عنه حتى يدرك ثأره، بالبناء للمجهول.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٢٣، وقد نقل الواحدي قوله بتصرف واختصار.
(٣) لم أجد من ذكر هذا القول من أهل المعاني، وقد ذكره بمعناه الفخر الرازي ١٥/ ١٩١، والقرطبي ٨/ ٤٢.
(٤) رواه المصنف في "أسباب النزول" ص ٢٤١ - ٢٤٢، والطبراني في "المعجم الكبير" ١٢/ ٦٠ (١٢٤٧٠)، وأبو الشيخ وابن مردويه كما في "الدر المنثور" ٣/ ٣٦٢، وهو موضوع؛ إذ مداره على إسحاق بن بشر الكوهلي، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ١٠١ (١١٠٣٢): هو كذاب اهـ. وقال ابن أبي هاشم في "الجرح والتعديل" ٢/ ٢١٤ (٧٣٤): كان يكذب، يحدث عن مالك وأبي معشر بأحاديث موضوعة.
(٥) رواه الثعلبي ٦/ ٧٠ أ، والبغوي ٣/ ٣٧٤، وهو مرسل، ثم إن في سندهما إبراهيم =

<<  <  ج: ص:  >  >>