للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو إسحاق: (معناه كان الكافر، ويدل عليه قوله: {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ} [الكهف: ٥٦] الآية. وإن قيل: هل يجادل غير الإنسان؟ قيل: إن إبليس قد جادل، وإن كل ما يعقل من الملائكة، والجن يجادل، ولكن الإنسان أكثر هذه الأشياء جدلاً) (١) (٢).

٥٥ - قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ} قال ابن عباس: (يريد أهل مكة) (٣). {أَنْ يُؤْمِنُوا} أي: الإيمان {إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى} محمد -صلى الله عليه وسلم- جاءهم من الله بالرشاد والبيان (٤). وهذا مفسر في سورة بني إسرائيل (٥).

وقوله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ} عطف على أن يؤمنوا.

وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} قال صاحب النظم: ({سُنَّةُ اَلأَوَّلِينَ} أنهم إذا تمردوا ولم يؤمنوا أن يعذبوا ويهلكوا) (٦).


(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٩٦.
(٢) الأولى -والله أعلم- أن تكون عامة في المؤمن والكافر، ويؤيد هذا ما ثبت في "الصحيحين" وغيرهما من حديث علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طرقه وفاطمة ليلاً فقال: ألا تصليان؟ فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلى شيئًا، ثم سمعته يضرب فخذه ويقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: ٥٤].
(٣) ذكرته كتب التفسير بلا نسبة. انظر: "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٣٩، "الجامع لأحكام القرآن" ١٠/ ١١٠، "روح المعاني" ١٥/ ٣٠٠.
(٤) "معالم التنزيل" ٥/ ١٨٢، "فتح القدير" ٣/ ٤٢٢.
(٥) عند قوله سبحانه في سورة الإسراء الآية رقم (٩٤): {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا}.
(٦) لم أقف عليه. ويشهد لهذا عدد من الآيات التي تحققت فيها سنته سبحانه في إهلاك من كفر وصد عن سبيله فعم قوم نوح الغرق، وأهلكت عاد الريح العقيم، وأخذت ثمود الصيحة، وقلبت على اللوطية ديارهم فجعل الله عاليها سافلها قال سبحانه =

<<  <  ج: ص:  >  >>