للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: فقدرت على هؤلاء العذاب أي: لم أقدر عليهم الإيمان، فذلك الذي يمنعهم من الإيمان؛ لأني قد قدرت عليهم الإهلاك وهو سنة الأولين (١) -وهذه الآية على هذا التفسير دليل إثبات القدر.

وقال أبو إسحاق: (المعنى إلاَّ طلب أن تأتيهم سنة الأولين، وسنة الأولين أنهم عاينوا العذاب فطلب المشركون ذلك {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ} [الأنفال: ٣٢] (٢).

وقوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا} قال ابن عباس والكلبي: (يريد قتل المؤمنين إياهم ببدر) (٣). معنى {قبُلًا}: عيانًا أي: مقابلة. قرأ أهل الكوفة: قُبُلاً (٤)، وهو يحتمل تأويلين أحدهما: أنه بمعنى قِبَلاً، فقد


= في سورة العنكبوت الآية رقم (٤٠): {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
(١) ويشهد لهذا عدد من الآيات في كتاب الله، يقول -سبحانه وتعالى- في سورة يونس الآية (٩٦، ٩٧): {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}. وقوله تعالى في سورة يونس الآية (١٠١): {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٩٦.
(٣) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "معالم التنزيل" ٥/ ١٨٢ بمعناه، "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٤٠، "الكشاف" ٢/ ٢٩٤، "تفسير كتاب الله العزيز" ٢/ ٤٦٩. وذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٦ ونسبه لابن عباس والكلبي.
(٤) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: (قِبَلاً) بكسر القاف. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: (قُبُلاً) بضم القاف.
انظر: "السبعة" ص ٣٩٣، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٥٢، "المبسوط في القراءات" ٢٣٦، "التبصرة" ص ٢٤٩، "النشر" ٢/ ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>