للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} قال ابن عباس: يريد المشركين، يقول: أفلا تتعظون كما اتعظ المؤمنون (١)، قال أصحابنا: وهذه الآية دليل على أن الخالق واحد، وإنما يتميز الخالق من المخلوق بالقدرة على اختراع الخلق، فمن جعل نفسه خالقًا لأفعاله التي يفعلها فقد نصب نفسه خالقًا شريكًا لله في الخلق (٢)، وقال أهل التأويل: معنى هذه الآية: إنكار تشبيه من يخلق بمن لا يخلق بالتسوية بينهما في العبادة، كما (٣) لا يجوز أن يُسوّى بين من ينعم ومن لا ينعم في الشكر (٤).

١٨ - قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} ذكرنا تفسيره في سورة إبراهيم (٥)، وقال ابن عباس في هذه الآية: يريد أنّ نِعمي أكثر مما يُحصي أو يُعرف؛ منها ظاهر ومنها باطن.

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ} أي لِما منكم من تقصير شكر نعمه، {رَحِيمٌ}: بكم حيث لم يُقصْها عنكم بتقصيركم.

٢٠ - وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ} قراءة العامة بالتاء (٦)؛ لأن ما قبل هذه الآية كلها خطاب للكفار، وقرأ عاصم بالياء في: {يَدْعُونَ} (٧) إخبارًا


(١) انظر: "تنوير المقباس" ص ٢٨٣، بنحوه.
(٢) هذا ردّ على المعتزلة في زعمهم أن العباد خالقون لأفعالهم.
(٣) في جميع النسخ: (كمن)، وبالمثبت يستقيم الكلام.
(٤) ورد بمعناه في: "تفسير الطبري" ١٤/ ٩٢، وهود الهواري ٢/ ٣٦٣، والطوسي ٦/ ٣٦٨.
(٥) عند الآية [٣٤].
(٦) انظر: "السبعة" ص ٣٧١, و"علل القراءات" ١/ ٣٠٢، و"الحجة للقراء" ٥/ ٥٨، و"المبسوط في القراءات" ص ٢٢٢٤، و"التيسير" ١٣٧.
(٧) المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>